- «أيّها الرجل مالك والتطرح والتشبث كلّما تجدد ناظر ووزير مغرّرا بنعمتك ونعمنا فى معاداة من لا تصلح لموضعه ولا يصلح لموضعنا؟ وهذا أبو على مخايل سعادته لائحة فسالمه ودعني أتوثق لكل واحد منكما من صاحبه.» ولم يزل به حتى لانت عريكته للقبول.
واتفق أنّ مهذّب الدولة تنكّر على أبى على ابن إسماعيل بسبب تمور كانت لابن الحداد صاحبه فاستقصى أبو على فى استقضاء ضريبتها بواسط فأطلق مهذّب الدولة لسانه فيه، ومهذّب الدولة يومئذ بحيث يحتاج إليه الملك ومن دونه. فانحدر أبو على إليه لاستلال سخيمته واستصلاح نيّته، وتقدّمه أبو الحسن ابن يحيى السابسى وقال للشريف أبى الحسن ابن عمر:
- «قد ورد أبو [٤٣٤] على وأمكنت الفرصة فى إصلاح الحال.» وأشار عليه بتلقّيه وقضاء حقّه. فتلكأ قليلا ثم فعل ونزل فى زبزبه وصار إلى أبى على. فلمّا صعد إليه أكرمه وقام له وأجلسه إلى المخدتين وحضر أبو نصر سابور فجلس إلى جانب أبى على عن يمينه وسلم كل واحد منهما على صاحبه وسأله عن خبره ثم قام الشريف.
وانحدر أبو على إلى مهذّب الدولة واجتمع معه واعتذر إليه وأخذ معه منه خمسة آلاف دينار على وجه القرض وخرج من عنده إلى داره التي كان نزلها قبل الإصعاد.
وجاء أبو الحسن ابن يحيى إلى الشريف وألزمه العود إليه وقال له:
- «تلك النوبة كانت للتلقّى وهذه للصلح وتقرير القاعدة.» فمضى إليه وتقرّر بينهما على أن التزم الشريف عشرين ألف دينار وحلف كل واحد منهما لصاحبه على الصفاء والوفاء.