للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير متعتعين، وأذن سعد للناس في الاقتحام وأمرهم بالاقتران، فتلاحق عظم الجند، فركبوا من دجلة اللجّة وإنّها لترمى بالزبد [٣٨٧] وهي مسودّة، وإنّ الناس ليتحدّثون في عومهم، وقد اقترنوا ما يكترثون، كما يتحدّثون في مسيرهم على الأرض. ففجئوا [١] أهل فارس بما لم يكن في حسابهم، فأعجلوهم عن جمهور أموالهم.

وكان يزدجرد قد قدّم عياله وما خفّ من ذخائره معهم حين نزل المسلمون بهر سير إلى حلوان. وبلغ ذلك سعدا. جاءه بالخبر بعض الأعلاج [٢] وقال:

- «ما تنتظر إذا كان بعد ثلاث لم يبق بالمدائن مال لكسرى، ولا لأهله» .

فكان ذلك مما هيّج سعدا وحمله على ما فعل. فكان قرين سعد الذي يسايره في الماء سلمان الفارسىّ، وكان سفيرهم، والمترجم لهم وعنهم.

وحكى: أنّ ذلك الخيل عبر بأجمعه، وقد اسودّت منه دجلة حتى ما يرى الماء، فسلموا بأجمعهم، ما فقدوا رجلا واحدا، ولا أداة. غير أنّ رجلا كانت له علاقة في قدح رثّة، فانقطعت، وذهب القدح في الماء، والتقطه رجل من الماء كان أسفل، تناوله برمحه، وجاء به إلى العسكر يعرّفه، فأخذه صاحبه.

وزال رجل من بارق يومئذ [٣٨٨] يدعى غرقدة عن ظهر فرس له شقراء، فنظر إليها المسلمون عريا [٣] تنفض أعرافها والغريق طاف، فثنّى القعقاع بن عمرو عنان فرسه إليه، فأخذ بيده، وجرّه حتى عبر، وكان البارقىّ من أشدّ الناس، فقال: أعجزت الأخوات [٤] أن يلدن مثلك يا قعقاع؟» - وكان للقعقاع فيهم


[١] . وفي مط: فعجبوا. في الطبري أيضا: ففجئوا: (٥: ٢٤٣٤) .
[٢] . جمع العلج: العير، الحمار، حمار الوحش السمين القوى، الرجل الضخم القوى من كفار العجم، وبعضهم يطلقه على الكافر عموما.
[٣] . مهملة في مط والأصل. فرس عرى: غير مسرج، ويقال: خيل أعراء. قيل: ولا يقال: فرس عريان، كما لا يقال: رجل عرى (قب) .
[٤] . والضبط في الأصل: أعجزت الأخوات.

<<  <  ج: ص:  >  >>