- «السمع والطاعة.» وانصرفت وأنا خائف من أن يكون هذا المطلوب قد ضاع فيما ضاع لنا وتشاغلت بالتفتيش عنه فوجدته وحملته من غد وسلّمته. فلما حمل إلى حضرة الخليفة أطال الله بقاءه، رده وقال للرئيس:
- «سله هل حفظ على والده إقراره بما أسجل به.» فسألنى عن ذلك فقلت:
- «نعم قد كان أقرّ عندي به.» ورسم إحضار القضاة والشهود والفقهاء، ففعل ذاك. وحضر القوم ومنهم القاضي أبو محمد ابن الأكفانى والقاضي أبو الحسن الخرزي وأبو حامد الإسفراينى والشهود بأسرهم وعمل كتاب على سجلّ والدي بإنفاذى ما سمعته من حكمه به وأشهدت الجماعة المذكورة على نفسي فيه. وكان ذلك فى جملة ما أنفذ الى خراسان وجرح الواثقى به.
وحكى القاضي أبو القاسم:
انّ هذا الواثقى دخل بغداد بعد ما جرى له بخراسان ونزل دارا وراء داره بباب البصرة. ثم انتقل عنها لما عرف خبره وشاع أمره وانه رآه فى بعض الأيام بالكرخ وهو لا يعرفه [قال] فرأيت رجلا عليه قباء [٦٠] واذارى [١] وعمامة شاهجانية وهو يمشى منحنيا ويداه معقودتان من ورائه كفعل الخراسانية. وكان معى أبو العباس المالكي. فلما رآه سلم عليه وقبّل كتفه فنهره وزبره بلفظ الفارسية الخراسانية فقال له المالكي:
- «إنّما سلّمت عليك وعندي أنّك صديقنا الذي يعرفنا ونعرفه. فإذا
[١] . قال المقدسي ص ٣٢٤ س ١٨: ومن وذارا ثياب الوذارية وهي ثياب على لون المصمت وسمعت بعض السلاطين ببغداد يسميها ديباج خراسان (مد) .