فكتب أبو عبيدة إلى خالد، فقدم عليه. ثم جمع الناس وجلس لهم على المنبر، فقام [٤٠٢] البريد، فقال:
- «يا خالد! أمن مالك أجزت بعشرة آلاف، أم من إصابة؟» فلم يجبه حتى أكثر عليه وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئا.
فقال بلال بعد أن قام إليه:
- «إنّ أمير المؤمنين أمر بكذا وكذا.» وتناول عمامته فنقضها [١] ، لا يمنعه سمعا وطاعة. ووضع قلنسوته، ثم أقامه، فعقله بعمامته وقال:
- «ما تقول، أمن مالك، أم من أصابة؟» قال: «لا. بل من مالي.» فأطلقه، وأعاد قلنسوته، ثمّ عممه بيده وقال:
- «نسمع ونطيع لولاتنا، ونفخّم ونخدم موالينا.» وأقام خالد متحيّرا لا يدرى: أمعزول أم غير معزول. وجعل أبو عبيدة يكرمه ويزيده تفخيما ولا يخبره. فلمّا طال على عمر أن يقدم خالد، ظنّ الذي كان.
فكتب إليه بالإقبال.
فأتى خالد أبا عبيدة، فقال:
- «رحمك الله، ما أردت إلى ما صنعت؟ كتمتني أمرا كنت أحبّ أن أعرفه قبل اليوم.» فقال أبو عبيدة:
- «إنّى والله ما كنت لأروعك: ما وجدت بدّا، وقد علمت أنّ ذلك يروعك.» فرجع [٤٠٣] خالد إلى قنّسرين فخطب أهل عمله، وودّعهم، وتحمّل، ثم