للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عثمان: «هم أقرباؤك أيضا.» قال علىّ: «أجل. لعمري إنّ رحمهم منّى لقريبة، ولكن الفضل في غيرهم.» قال: هل تعلم أنّ عمر ولّى معاوية خلافته كلّها، فقد ولّيته.» قال على: «أنشدك الله، هل تعلم أنّ معاوية كان أخوف من عمر، من يرفأ غلام عمر، منه؟» قال: «نعم.» قال علىّ: «فإنّ معاوية يقطع الأمر [١] دونك، وأنت تعلم، فيقول للناس: هذا أمر عثمان، فيبلغك، فلا تغيّر على معاوية.» ثمّ خرج علىّ من عنده وخرج عثمان على أثره، فجلس على المنبر، فقال:

أما بعد، فإنّ لكلّ شيء آفة ولكل أمر عاهة، وإنّ آفة هذه الأمة وعاهة هذه النعمة عيّابون طعّانون يرونكم ما تحبون ويسرّون ما تكرهون، يقولون لكم ويقولون، أمثال النعام يتبعون أول ناعق، أحبّ مواردها إليها البعيد، لا يشربون [٤٨١] إلّا تبرّضا [٢] ولا يردون إلّا عكرا، لا يقوم لهم رائد، قد أعيتهم الأمور، وتعذّرت عليهم المكاسب، ألا! والله عبتم علىّ بما أقررتم لابن الخطّاب بمثله، ولكنّه وطئكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم، ووطّأت لكم كنفى، وكففت يدي ولساني، فاجترأتم علىّ. أما والله، لأنا أعزّ نفرا، وأقرب ناصرا، وأكثر عددا وأقمن. إن قلت: هلمّ، أتى إلىّ، [٣] ولقد أعددت لكم


[١] . الطبري: يقتطع الأمور.
[٢] . وفي الطبري: نغصا، بعضا. تبرّض الماء: ترشّفه. نغصه: حرّكه.
[٣] . الأصل: هلمّ إلىّ، إلىّ. مط: هل إلىّ إلىّ! وما أثبتناه يؤيده الطبري (٦: ٢٩٤٠) ، وكذلك ابن الأثير (٣:

<<  <  ج: ص:  >  >>