للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك من السياسات في عمارة البلدان، وجمع كلم الرعيّة، وإصلاح نيّات [١] الجند، والحروب ومكايد [٢] الرجال، وما تمّ منها على العدوّ، وما رجع على صاحبه، وذكر الأسباب التي تقدّم بها قوم عند السلطان، والأحوال التي تأخّر لها آخرون، وما كان منها [٣] محمود الأوائل مذموم العواقب، وما كان بضدّ ذلك، وما استمرّ أوّله وآخره على سنن [٤] واحد، وذكر سياسات [٣] الوزراء، وأصحاب الجيوش، ومن أسند إليه حرب وسياسة، أو تدبير أو إيالة، فوفى بذلك وتأتّى له [٥] ، أو كان بخلاف ذلك.

ورأيت [٦] هذا الضرب من الأحداث، إذا عرف له مثال مما تقدّم، وتجربة لمن سلف، فاتّخذ إماما يقتدى به، حذر مما ابتلى به قوم، وتمسّك بما سعد به قوم.

فإنّ أمور الدنيا متشابهة، وأحوالها متناسبة، وصار جميع ما يحفظه الإنسان من هذا الضرب كأنّه تجارب له، وقد دفع إليها، واحتنك [٧] بها، وكأنّه قد عاش ذلك الزمان كله، وباشر تلك الأحوال بنفسه، واستقبل أموره استقبال الخبر [٨] وعرفها قبل وقوعها، فجعلها نصب عينه وقبالة لحظه [٩] ، فأعدّ لها أقرانها وقابلها بأشكالها. وشتّان بين من كان بهذه الصورة وبين من كان غرّا [١٠] غمرا [١١] لا يتبيّن الأمر إلّا [٤] بعد وقوعه، ولا يلاحظه إلّا بعين الغريب منه، يحيّره [١٢] كلّ


[١] . مط: يثاب
[٢] . مط: ومكانة.
[٣] . مط: ومنها ما كان.
[٤] . السنن: الطريقة والمثال.
[٥] . مط: وتأنى له.
[٦] . الكلمة غير واضحة في الأصل، وما أثبتناه يؤيّده ما في مط.
[٧] . احتنكت السنّ الرجل: حنكته، أى: أحكمته التجارب وجعلته حكيما.
[٨] . مط: بياض. يقال: أخبرنى بذلك الخبر: العالم بالخبر. وفي ما نقله بعض الباحثين عن هذه المقدمة:
«الخبير» ، وما أثبتناه هو الصحيح نصّا.
[٩] . مط: «قبالة بخطه» ! بدل «قبالة لحظه» .
[١٠] . هو غرّ: غير مجرّب.
[١١] . صبىّ غمر: لم يجرّب الأمور.
[١٢] . مط: ويجبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>