- «ألهذا تقاتلون؟ أم لهذا تغضبون؟» فخرج علىّ من المدينة إلى قرية، وانطلق القوم حتى دخلوا على عثمان، فقالوا:
- «كتبت فينا بكذا وكذا.» فقال عثمان: «إنّما هما ثنتان: إمّا أن تقيموا علىّ رجلين من المسلمين، أو يميني بالله، الذي لا إله إلّا هو، ما كتبت، ولا أمللت، ولا علمت. وقد علمتم أنّ الكتاب يكتب على لسان الرجل، وينقش الخاتم على الخاتم.» فقالوا: «لئن كنت كاذبا في يمينك فقد أحلّ الله دمك، ولئن كنت صادقا لقد ضعفت عن الأمر، حين لا تضبط [٤٩٤] من أمرك هذا المقدار.» وقد حاصروه، وقد ذكر الناس في هذه الروايات أشياء شنعة لم نذكرها.
وقد كان عثمان لما أحسّ بانصراف المصريين إليه من الطريق، أتى عليّا في منزله، فقال:
- «يا ابن عمّ! إنّه ليس منزل، وإنّ قرابتي قريبة، ولى حقّ عظيم عليك، وقد جاء ما ترى من هؤلاء القوم، وهم مصبّحىّ، وأنا أعلم أنّ لك عند الناس قدرا، وأنّهم يستمعون منك، فأنا أحبّ أن تركب إليهم، فتردّهم عنّى. فإنّى لا أحبّ أن يدخلوا علىّ، فإنّ تلك جرأة منهم علىّ، ويسمع بذلك غيرهم.» فقال علىّ: «على م أردّهم؟» قال: «على أن أصير إلى ما أشرت به علىّ، ورأيته لى، ولست أخرج من يديك.» فقال علىّ: «إنّى قد كنت كلّمتك مرّة بعد مرّة، وكل ذلك تخرج فتتكلّم وتقول وتقول، وذلك كلّه فعل مروان بن الحكم، وسعيد بن العاص وعبد الله بن عامر، ومعاوية، تطيعهم وتعصينى.» قال: وأمر الناس المهاجرين والأنصار، فركبوا معه. وأرسل عثمان إلى عمار