للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «بل تكلّم.» فقال مروان: «بأبى وأمّى، لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع، وكنت أول من رضى بها، وأعان عليها، ولكنّك قلت حين بلغ الحزام الطبيين، وحين أعطى الخطّة الغليظة [١] الذليل، والله لإقامة على خطيئة تستغفر منها، أجمل من توبة تجبر عليها، وقد اجتمع بالباب مثل الجبل من الناس.» فقال عثمان: «فاخرج إليهم، فكلّمهم، فإنّى أستحى أن أكلّمهم.» فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضا، فقال:

- «ما شأنكم؟ [٤٩٨] قد اجتمعتم كأنّكم جئتم لنهب، كلّ إنسان آخذ [٢] بأذن صاحبه، شاهت الوجوه، ألا، من أريد؟ جئتم أن تنزعوا ملكنا من أيدينا؟ اخرجوا عنّا، أما والله لئن رمتمونا لتلقون ما لا يسرّكم ارجعوا، فوالله ما نحن بمغلوبين على ما في أيدينا.» فرجع الناس إلى علىّ يشكون إليه. فجاء علىّ مغضبا حتى دخل على عثمان، فقال:

- «أما رضيت من مروان ولا رضى منك، إلّا بإخراجك عن دينك وعقلك، مثل جمل الظعينة، يقاد حيث شاء ربّته [٣] ؟. والله ما مروان بذي رأى في دينه، ولا في نفسه، وإنّى لأراه سيوردك ولا يصدرك، وما أنا بعائد بعد هذا لمعاتبتك، فقد أكثرت وأكثرت. أذهب [٤] شرفك وغلبت على أمرك.» فلما خرج علىّ دخل إليه بعض أهله فقال:

- «إنى سمعت قول علىّ لك، وإنه ليس يعاودك، فقد خالفته مرارا وأطعت مروان.»


[١] . وفي الطبري: الخطة الذليلة الذليل.
[٢] . كذا في الطبري (٦: ٢٩٧٥) .
[٣] . في الطبري حيث يسار به (٦: ٢٩٧٦) . مط: «حيث ساريته» . والظعينة: الهودج، أو المرأة التي فيه.
[٤] . في الطبري: أذهبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>