للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له الأشتر: «أما والله لئن تركتها لتعصرنّ عينيك عليها حينا.» فبايعوه. وفي ما رواه صاحب التاريخ، قال: اجتمع أهل الأمصار وقالوا:

- «دونكم يا أهل المدينة، فقد أجّلناكم ثلاثا [١] ، فو الله لئن لم تفرغوا لنفعلنّ ولنفعلنّ.» فغشى الناس عليّا وقالوا:

- «ترى ما نزل بالناس وما ابتلينا به من بين تلك القرى؟» فقال علىّ: «دعوني والتمسوا غيرى، فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه. لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول.» فقالوا: «ننشدك بالله. ألا ترى ما نرى؟، ألا ترى الفتنة؟ أما تخاف الله؟» قال: «اعلموا أنّى- إن أجبتكم- ركبت بكم [٢] ما أعلم، وإن تركتموني فإنّما أنا كأحدكم، ألا، إنّى أسمعكم، وأطوعكم لمن ولّيتموه.» فافترقوا على ذلك، واتّعدوا لغد، وتشاور الناس في ما بينهم، وقالوا:

- «إن دخل طلحة والزبير فقد استقامت.» فبعث المصريّون بصريّا إلى الزبير وقالوا: «احذر لا تحابه. [٣] » - وكان رسولهم حكيم بن جبلة في نفر- فجاؤوا يحدونه بالسيف. وبعثوا إلى طلحة [٥٠٩] كوفيّا وقالوا: «احذر لا تحابه.» وبعثوا بنفر، فجاؤوا يحدونه بالسيف.

وبعثوا الأشتر إلى علىّ، وأهل الكوفة وأهل البصرة شامتون بصاحبيهم، وأهل مصر فرحون بما اجتمع عليه أهل المدينة، وقد صار أهل الكوفة والبصرة كالأتباع، وهم جشعون.

فلما أصبحوا يوم الجمعة حضر الناس المسجد. وجاء علىّ حتى صعد المنبر،


[١] . كذا في مط، وفي الأصل شطب واضطراب في الرسم.
[٢] . مط: رأيت ما بكم!
[٣] . مط: لا تخافه (وكذلك في الموضع الآتي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>