للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبى علىّ وقال لابن عباس:

- «سر إلى الشام، فقد ولّيتكها.» فقال ابن عباس: «ما هذا والله برأى. معاوية رجل من بنى أمية، وهو ابن عمّ عثمان، وعامله على الشام، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكّم علىّ.» قال علىّ: «ولم تظنّ ذلك؟» قال: لقرابة ما بيني وبينك، ولأنّ كلّ ما عليك فهو علىّ، ولكن اكتب إلى معاوية، فمنّه، وعده.» فقال علىّ: «إنّ هذا ما لا يكون أبدا.» وتمثّل:

فما ميتة، إن متّها غير عاجز ... بعار، إذا ما غالت النفس غولها

فقال ابن عباس: «أنت- يا أمير المؤمنين- رجل شجاع، ولست بأرب في الحرب. أما سمعت رسول الله- صلى الله عليه- يقول: الحرب خدعة؟» قال: «بلى.» قال ابن عباس: «أنا والله، لئن أطعتنى لأصدرنّ بهم بعد ورد، ولأتركنّهم ينظرون في دبر الأمور، ولا يعرفون ما كان وجهها، في غير نقصان عليك ولا إثم [٥١٥] لك.» فقال علىّ: «يا ابن عباس، لست من هنيّاتك وهنيّات [١] معاوية في شيء، تشير علىّ وأرى، فإذا عصيتك فأطعنى.» فقال ابن عباس: «أفعل، إنّ أيسر ما لك عندي السمع والطاعة.»


[١] . والضبط في الطبري (٦: ٣٠٨٦) : «هنيآتك وهنيآت معاوية» والأصل واحد. وفي مط: «هيئاتك وهيئات معاوية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>