فقال هلال:«سبحان الله، تقول هذا وأنت شيخنا؟» فقال: «أنا الشيخ المعصىّ وأنت الشابّ المطاع.» ولما ابتدأ القتال قال علىّ لأصحابه:
ابتداء القتال- «أيكم يعرض عليهم هذا المصحف ويدعوهم إلى ما فيه، فإن قطعت يده أخذه بيده الأخرى، فإن قطعت أخذه بأسنانه؟» فقال فتى شابّ: «أنا.» فطاف على أصحابه يعرض ذلك عليهم، فلم يقبله إلّا ذاك الفتى.
فقال له علىّ:
- «اعرض عليهم هذا وقل: هو بيننا وبينكم من أوّله إلى آخره، فالله الله في دمائنا ودمائكم.» فحمل القوم على الفتى وبيده المصحف، فقطعت يداه، فأخذه بأسنانه حتى قتل. فقال علىّ لأصحابه:
- «قد طاب لكم الضراب.» فقاتلوهم، فالتحمت الحرب، واشتدّ القتال إلى العصر. ثم انهزم أصحاب الجمل وعائشة يومئذ في هودجها على الجمل الذي يقال له:[٥٥٣]«عسكر» . وانهزم الزبير نحو وادي السباع، وتشاغل الناس عنه، واتبعه قوم. فلما رأى الفرسان تتبعه، كرّ عليهم. فلما عرفوه رجعوا عنه، وتركوه. وكان علىّ وصّاهم ألّا يتبعوا مدبرا، ولا يجهزوا على جريح.