دابّته، وجلس فى ظلّها. فلما كان وقت العصر، أمر الحسين أن يتهيّأوا للرحيل، ففعلوا. ثمّ إنّه خرج، فأمر مناديه، فنادى بالعصر، واستقدم الحسين، فصلّى بالقوم، ثمّ سلّم، وانصرف إلى القوم بوجهه، فحمد الله وأثنى عليه، وأعاد على القوم قريبا من مقالته الأولى.
فقال الحرّ:
- «إنّا، والله، لا ندري هذه الكتب، والرسل التي تذكر.» فدعا الحسين بخرجين مملوّين كتبا فنشرها بين أيديهم. فقال له الحرّ:
- «لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك، إنما أمرنا، إذا نحن لقيناك، ألّا نفارقك [٩٧] حتّى نقدمك الكوفة على عبيد الله بن زياد.» فقال له الحسين:
- «الموت أدنى إليك من ذلك.» ثمّ قال لأصحابه:
- «انصرفوا بنا.» فلما ذهبوا لينصرفوا، حال القوم بينه وبين الانصراف.
فقال الحسين للحرّ:
- «ثكلتك أمّك، ما تريد؟» قال:
- «أما والله، لو غيرك من العرب يقولها ما تركت ذكر أمّه، كائنا من كان، ولكن لا سبيل إلى ذكر أمّك، إلّا بأحسن ما نقدر عليه.» فقال له الحسين:
- «فما تريد؟» قال:
- «أن أنطلق بك إلى عبيد الله بن زياد.» فقال له الحسين: