للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال:

- «الله بيننا وبين هؤلاء القوم، إن تركونا لم نطلبهم.» ثمّ خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:

- «فقد بلغني أنّ طائفة من أهل هذا المصر، أرادوا أن يخرجوا علينا، فسألت عن السبب الذي دعاهم إلى ذلك ما هو؟ فقيل [١٤٦] لى: إنّهم يطلبون بدم الحسين بن علىّ. فرحم الله هؤلاء القوم، قد- والله- دللت على أماكنهم، وأمرت بأخذهم، وقيل لى: ابدأ بهم، قبل أن يبدءوك، فأبيت ذلك، وقلت: إن قاتلوني قاتلتهم، وإن تركونى لم أطلبهم. وعلام يقاتلوننى؟ فو الله ما أنا قتلت حسينا، ولا أنا ممّن قاتله. ولقد أصبت بمقتله، رضى الله عنه. هؤلاء القوم آمنون، فليخرجوا، ولينتشروا ظاهرين، ثمّ ليسيروا إلى قاتل الحسين، فقد أقبل إليهم، وأنا ظهير لهم.

هذا ابن زياد قاتل الحسين، وقاتل أخياركم، وأماثلكم، قد توجّه إليكم عهد العاهد به، على مسيرة ليلة من منبج [١] ، فقتاله والاستعداد له أجزى وأرشد من أن يجعلوا بأسكم بينكم، فيسفك بعضكم دماء بعض، فيلقاكم العدوّ غدا وقد رققتم [٢] ، وتلك أمنيّة عدوّكم، فإنّه قد أقبل إليكم. أعدى خلق الله لكم من ولى عليكم هو وأبوه سبع سنين لا يقلعان عن قتل أهل العفاف والدين، ومن قتل من تبغون دمه قد جاءكم، فاستقبلوه بحدّكم وشوكتكم، واجعلوها به، ولا تجعلوها بأنفسكم، [١٤٧] فإنّى لم آلكم نصحا، جمع الله كلمتنا، وأصلح لنا أئمتنا.» فخرج أصحاب سليمان بن صرد ظاهرين، يشترون السلاح، ويتجهّزون بما يصلحهم.

وأما النفر الذين مع المختار، فإنهم سكتوا، لأنّ المختار كان يريد ألّا يهيج أمرا


[١] . منبج: كذا فى المراصد والطبري ٧: ٥١١، وما فى الأصل: منبح- بالحاء المهملة، وما فى مط: منيح، وكلاهما تصحيف.
[٢] . رققتم: كذا فى الأصل: رققتم: ضعفتم. وفى مط: وفقتم. وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>