وكان عمرو بن سعد طول تلك الأيام التي كان سليمان فيها معسكرا بالنخيلة، لا يبيت إلّا فى قصر الإمارة مع عبد الله بن يزيد مخافة أن يأتيه القوم وهو غافل، فيقتل.
ولما دخل عبد الله بن يزيد إلى سليمان، حمد الله، وأثنى عليه، [١٥١] ثمّ قال:
- «إنّ المسلم أخو المسلم، لا يخونه، ولا يغشّه، وأنتم أهل مصرنا، وأحبّ الناس إلينا، فلا تفجعونا بأنفسكم، ولا تستبدّوا علينا برأيكم، ولا تنقصوا عددنا بخروجكم، وأقيموا معنا حتّى نتيسّر ونتهيّأ، فإذا علمتم أنّ عدوّنا قد شارف بلادنا خرجنا إليهم بجماعتنا، فقاتلناهم.» وتكلّم إبراهيم بنحو من هذا.
فتكلّم سليمان، وحمد الله، وأثنى عليه، وقال:
- «قد علمت أنّكما قد محضتمانى النصيحة، واجتهدتما فى المشورة، ونحن فقد خرجنا على نيّة، ولن ننقضها، ونسأل الله العزيمة، والتشديد.» فقالا:
- «تنصرفون ونرى رأينا.» فعرضا عليه الصبر عليهما، حتّى يجعلا له ولأصحابه خراج جوخى [١] دون الناس.
فأبى سليمان وقال:
[١] . جوخى: نهر عليه كورة فى سواد بغداد بالجانب الشرقي منه الراذان، وهو بين خانقين وخوزستان، قالوا: ولم يكن ببغداد مثل كورة جوخى، كان خراجها ثمانين ألف ألف [٠٠٠، ٠٠٠، ٨٠] درهم، حتّى صرفت دجلة عنها فخربت (المراصد وياقوت) .