للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يريد أن يريّثهم [١] بهذه المقالة [٢١٦] ليقدم عليه إبراهيم الأشتر وقد أمر أصحابه فكفّوا أيديهم، وأخذ أهل الكوفة عليهم بأفواه السكك، فليس شيء يصل إلى المختار ولا إلى أصحابه من الماء إلّا القليل يجيئهم إذا غفلوا عنه.

ثمّ إنّ شمر بن ذى الجوشن أتى أهل اليمن، فقال لهم:

- «إن اجتمعتم فى مكان نجعل فيه مجنّبتين ونقاتل من وجه واحد، فأنا صاحبكم، وإلّا فلا، والله لا أقاتل فى سكة واحدة ضيّقة ونقاتل من غير وجه.» وانصرف إلى جماعة قومه فى جبّانة بنى سلول [٢] ، ولما بلغ المختار ذلك، جعل يواصل مكاتبة إبراهيم، فلما بلغ إبراهيم بن الأشتر خبره، نادى من يومه فى الناس، وسار بقيّة عشيّته تلك، ثمّ نزل سويعة، فتعشّى هو وأصحابه، وأراحوا دوابّهم شيئا كلا شيء، ثمّ سار بقيّة ليلته كلّها وصلّى الغداة بسورا، ثمّ سار من يومه وصلّى صلاة العصر على باب الجسر من الغد، ثمّ سار حتّى بات ليلته فى المسجد. ولما كان اليوم الثالث من مخرجهم على المختار خرج المختار إلى المنبر فصعده وكان شبث بن ربعىّ بعث إليه ابنه [٢١٧] يقول له:

- «إنما نحن عشيرتك وكفّ يمينك، والله لا نقاتلك أبدا فثق بذلك منّا، وكان كارها لقتاله، ولما حضرت الصلاة واجتمع أهل اليمن كره كلّ رأس أن يتقدّمه صاحبه.» فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف:

- «هذا أول الخلاف، قدّموا الرضا فيكم، فإنّ فيكم سيّد قرّاء أهل المصر، فليصلّ بكم رفاعة بن شدّاد.» ففعلوا، فلم يزل يصلّى بهم حتّى كان يوم الوقعة.

ثمّ إنّ المختار لمّا نزل، عبّى أصحابه، فقال إبراهيم بن الأشتر:


[١] . يريّثهم: كذا فى الأصل والطبري ٨: ٦٥٣. وما فى مط: يرتبهم.
[٢] . فى مط: بنى سلوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>