بنى نهد من رؤساء أصحاب المختار يقال له عبد الله بن شريك لا يخلو بعربىّ إلّا خلّى سبيله. فرفع ذلك إلى المختار، فقال المختار:
- «اعرضوهم علىّ، فانظروا كلّ من شهد منهم قتل الحسين فأعلمونى به.» فأخذوا لا يمرّ عليه رجل شهد قتل الحسين إلّا قالوا له:
- «هذا ممن شهد [٢٢١] قتله.» فقدّمه، فيضرب عنقه، حتّى قتل منهم قبل أن يخرج مائتين وأربعين قتيلا، وأخذ أصحابه كلّما رأوا رجلا قد كانوا تأذّوا به، وكان يماريهم، أو يضرّبهم، خلوا به فقتلوه، حتّى قتل ناس كثير منهم، وما يشعر بهم المختار.
ثمّ أخبر به المختار من بعد، فدعا بمن بقي من الأسارى فأعتقهم وأخذ عليهم المواثيق ألّا يجامعوا عليه عدوه ولا يبغوه ولا لأصحابه غائلة، إلّا سراقة بن مرداس البارقىّ، فإنّه أمر به أن يساق معه إلى المسجد، ونادى منادى المختار من أغلق عليه بابه فهو آمن إلّا رجلا شرك فى دم آل محمّد.
وكان يزيد بن الحارث بن رؤيم وحجّار بن أبجر بعثا لهما رسلا، فقالا لهم:
- «كونوا قريبا من أهل اليمن، فإن ظهروا، فلتكن علامتكم كذا وإن ظهر عليكم فلتكن علامتكم كذا.»[١] فلما هزم أهل اليمن أتتهم رسلهم بعلامتهم، فقاما جميعا فقالا لقومهما:
- «انصرفوا إلى بيوتكم.» فانصرفوا.
فأما عمرو بن الحجاج الزبيدي، فإنّه كان ممن شهد قتل الحسين، فركب راحلته، ثمّ ذهب عليها، فأخذ طريق شراف وواقصة، فلم ير حتّى الساعة، ولا
[١] . والعبارة فى الطبري (٨: ٦٦١- ٦٦٠) : فإن رأيتموهم قد ظهروا، فأيّكم سبق إلينا فليقل: «صرفان» وإن كانوا هزموا، فليقل: «جمزان» .