للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويهلك بعض. وأيم الله، لئن شددتم عليهم شدّة صادقة ليفرجنّ لكم عن مثل طريق البريد، فإن شئتم كنت أمامكم، وإن شئتم كنت خلفكم.» قال: فأبوا عليه، فقال:

- «أما إنى سأريكم.» ثمّ خرج هو ورقبة بن الحرّ ومع رقبة غلام له تركىّ، وشعبة بن ظهير، فحملوا على القوم، فأفرجوا لهم، فمضوا. فأما رقبة وغلامه وشعبة فمضوا على وجوههم، وأما زهير فرجع إلى أصحابه حتّى دخل القصر، فقال لأصحابه:

- «قد رأيتم، فأطيعونى.» فقالوا:

- «إنّ فينا من يضعف عن هذا ويطمع فى الحياة.» قال:

- «أبعدكم الله، والله لا أكون أجزعكم من الموت.» ففتحوا القصر، ونزلوا على حكمه، فأرسل إليهم، فقيّدهم، ثمّ حملوا رجلا رجلا، فأراد أن يمنّ عليهم، فأبى ابنه موسى وقال:

- «والله، لئن عفوت عنهم لأتّكئن على سيفي حتّى يخرج من ظهري.» فقال له عبد الله:

- «أما والله، إنى لأعلم [٢٧١] أنّ الغىّ فى ما يأمرنى به.» فقتلهم جميعا إلّا ثلاثة: الحجاج بن ناشب- كلّمه فيه رجال من بنى تميم كانوا معتزلين من عمرو، وحنظلة، وجبهان بن مسجعة، وهو الذي كان ألقى نفسه على ابنه محمد يوم قتل، فقال ابن خازم خلّوا عن هذا البغل الديرج، ورجل من بنى سعد، وهو الذي قال يوم لحقوا ابن خازم: انصرفوا عن فارس مضر.

فأما زهير بن ذؤيب، فأرادوا حمله مقيّدا، فأبى وأقبل يحجل [١] فى قيده حتّى جلس بين يديه، فقال له ابن خازم:


[١] . حجل المقيّد: قفز فى مشيه على الرجلين معا.

<<  <  ج: ص:  >  >>