وقالت له امرأته تلك المقالة، فلم يلتفت ومضى فى مائة رجل من مواليه، وقد بعث عبد الملك إلى بنى مروان، فاجتمعوا عنده. فلما بلغ عبد الملك أنه بالباب، أمر أن يحبس من كان معه، وأذن له. فدخل ولم يزل أصحابه يحبسون عند كلّ باب حتّى دخل عمرو قعر الدار وليس معه إلّا وصيف له. فرمى عمرو ببصره، فإذا حوله بنو مروان وفيهم حسّان بن بحدل الكلبي، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي.
فلما رأى جماعتهم أحسّ بالشرّ، فالتفت إلى وصيفه، فقال:
- «انطلق ويحك إلى يحيى بن سعيد يعنى أخاه، فقل له يأتنى.»[٢٨٤] فقال له الوصيف ولم يفهم ما قال له:
- «لبّيك.» فقال له:
- «اغرب فى حرق الله وناره.» وقال عبد الملك لحسّان وقبيصة:
- «إذا شئتما، فقوما فالتقيا وعمرا [١] فى الدار.» فقال عبد الملك لهما كالممازح:
- «ليطمئنّ عمرو! أيّكما أطول؟» فقال حسّان:
- «قبيصة أطول منّى يا أمير المؤمنين بالإمرة.» وكان قبيصة على الخاتم. ثمّ التفت عمرو إلى وصيفه، فقال:
- «انطلق إلى يحيى، فمره أن يأتينى.» فقال له:
- «لبّيك.» ولم يفهم عنه.
فقال له عمرو:
- «اغرب عنّى.»
[١] . ما فى الأصل ومط وفى هامش الطبري: «وعمرو» . فأثبتناه كما فى الطبري (٨: ٧٨٧) : وعمرا.