للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال:

- «امض راشدا.» فودّعته وخرجت من عنده.

وخرج المهلّب حتّى نزل رامهرمز، فلقى الخوارج، فخندق عليه، وأقبل عبد الرحمان بن مخنف بأهل الكوفة، فنزل قريبا من المهلّب على ميل، أو ميل ونصف، حيث يتراءى العسكران برامهرمز، فلم يلبث الناس إلّا عشرا حتّى أتاهم نعى بشر، وتوفّى بالبصرة، وارفضّ الناس من أصحاب المهلّب وأصحاب عبد الرحمان بن مخنف، وهم رؤساء أهل البصرة والكوفة، وبقيا فى قلّة. وكان بشر استخلف خالد بن عبد الله بن أسيد، وكان خليفته على الكوفة عمرو بن حريث، وكان ممن انصرف من أهل الكوفة: زحر بن قيس، [٣٠٩] وإسحاق بن محمد بن الأشعث، ومحمد بن عبد الرحمان بن سعد بن قيس. فبعث عبد الرحمان ابنه جعفرا فى آثارهم، فردّ إسحاق ومحمدا، وفاته زحر بن قيس، فحبسهما يومين، ثمّ أخذ عليهما ألّا يفارقاه. فما لبثا إلّا يوما حتّى انصرفا ولحقا بزحر بن قيس بالأهواز، فاجتمع بها ناس كثير ممن يريد البصرة، فبلغ ذلك خالد بن عبد الله، فكتب إلى الناس كتابا، وبعث رسلا تضرب وجوه الناس وتردّهم. فقدم مولى له، فقرئ الكتاب على الناس وقد جمعوا له، وكان فيه حضّ على الجهاد وتوبيخ للرؤساء، وتهديد لعامّة الناس، ويقول فى آخره:

- «أيها الناس، اعلموا على من اجترأتم ومن عصيتم. إنه عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين الذي ما فيه غميزة، ولا عنده رخصة على من خالفه وعصى أمره، وإنما سوطه سيفه، فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، فإنّى لم آلكم نصيحة. اذهبوا إلى مكتبكم [١] وطاعة خليفتكم، ولا ترجعوا عاصين مخالفين، فأقسم بالله لا


[١] . مكتبكم: الكلمة تكررت فى موضعين، فى الموضع الأول غموض فأثبتناها كما هي فى الموضع الثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>