للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتنكّر وأخفى مكانه وغفّل له مولى له، فنظر إليه شبيب وظنّه الحجّاج، فحمل عليه وضربه بعمود فقتله، فغفّل له أعين صاحب حمّام أعين بالكوفة، فقتله. فقال الحجّاج:

- «علىّ بالبغلة!» فأتى ببغل محجّل، فقيل له:

- «أصلح الله الأمير، إنّ الأعاجم تتطيّر أن تركب فى مثل هذا اليوم مثل هذا البغل.» فقال:

- «أدنوه منّى، فإنّ اليوم يوم أغرّ محجّل. [٣٧٩] فركبه ودنا، ثمّ طرحت له عباءة فنزل وجلس، ودعا بكرسىّ له، ثمّ نادى:

- «يا أهل الشام، يا أهل السمع والطاعة، لا يغلبنّ باطل هؤلاء الأرجاس حقّكم، غضّوا الأبصار، واجثوا على الركب، واستقبلوا القوم بأطراف الأسنّة.» فجثوا على الركب وكأنّهم حرّة سوداء. فأقبل إليه، شبيب حتّى إذا دنا منهم عبّى أصحابه ثلاثة كراديس: كتيبة معه وكتيبة مع سويد بن سليم وكتيبة مع المحلّل [١] بن وائل.

فقال لسويد:

- «احمل عليهم فى خيلك.» فحمل عليهم فثبتوا له حتّى إذا غشى أطراف الأسنّة وثبوا فى وجهه ووجوه [٢] أصحابه، فطعنوهم قدما، حتّى انصرف، وصاح الحجّاج:

- «يا أهل السمع والطاعة، هكذا فافعلوا! قدّم كرسىّ يا غلام.» وأمر شبيب المحلّل بن وائل، فحمل عليهم، ففعلوا به مثل ما فعل بسويد.


[١] . وفى الأصل يأتى هذا الإسم بالجيم تارة وبالحاء المهملة تارة أخرى. وفى الطبري: المحلل بن وائل (بالحاء المهملة) .
[٢] . سقط من مط من قوله «ووجوه أصحابه» إلى قوله «وثبوا فى وجهه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>