للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجّاج نادى فيهم يوم هربوا أنّ:

- «من جاء منكم فهو آمن.» فتفرّق عنه ناس كثير من أصحابه.

وبلغ شبيبا منزل [١] حبيب بن عبد الرحمان [٣٨٣] الأنبار، فأقبل بأصحابه حتّى دنا من عسكرهم ونزل، فصلّى بهم المغرب.

قال أبو زيد السكسكي: أنا والله فى أهل الشام ليلة جاء شبيب، فبيّتنا. قال:

فلما أمسينا، جمعنا حبيب بن عبد الله، فجعلنا أرباعا وعلى كلّ ربع أمير، وقال لكلّ ربع منّا:

- «ليجزئ كلّ ربع جانبه، فإن قتل هذا الربع فلا يعنهم [٢] هذا الربع الآخر.

فإنّه بلغني أنّ الخوارج منّا قريب، فوطّنوا أنفسكم على أنكم مبيّتون ومقاتلون.» فمازلنا على تعبئتنا حتّى جاءنا شبيب، فبيّتنا، فشدّ على ربع منّا، فضاربهم طويلا. فما زالت قدم إنسان منهم، ثمّ تركهم وأقبل إلى الربع الآخر، فقاتلهم طويلا، فلم يظفر بشيء. قال: ثمّ أطاف بنا يحمل علينا حتّى ذهب ثلاثة أرباع الليل، وألزّ بنا حتّى قلنا: لا يفارقنا. ثمّ نازلنا راجلا طويلا، فسقطت والله بيننا وبينهم الأيدى والأرجل، وفقئت الأعين، وكثر القتلى. قتلنا منهم نحوا من ثلاثين، وقتلوا منّا نحوا من مائة، وو الله لو كانوا يزيدون على مائة رجل لأهلكونا، وأيم الله على ذلك ما فارقونا حتّى مللناهم وملّونا، وكرهناهم وكرهونا. ولقد رأيت الرجل ما يضرب الرجل منهم [٣٨٤] فما يضرّه شيئا من الإعياء والضعف. ولقد رأيت الرجل منّا يقاتل جالسا ينفح [٣] بسيفه، ما يستطيع أن يقوم من الإعياء.


[١] . منزل: الضبط من الأصل.
[٢] . فلا يعنهم: كذا فى الأصل. وما فى مط: فلا بينهم. وهو خطأ. وفى الطبري (٨: ٩٦٩) : فلا يغثهم. وفى تعاليقه: فلا يعنهم، فلا يعنهم، فلا يغنهم.
[٣] . ينفح: مهملة فى الأصل. فأثبتناها حسب الطبري (٨: ٩٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>