- «أحرق هذه السفن، وامض إلى مرو، فاخلع أميّة وتقيم بمرو وتأكلها إلى يوم ما.» فقال بكير:
- «إنّى أخاف أن يهلك هؤلاء الفرسان الذين معى.» فقال:
- «أيخاف عدم الرجال؟ أنا آتيك من أهل مرو بما شئت، إن هلك هؤلاء الذين معك.» قال:
- «يهلك المسلمون.» قال:
- «إنّما يكفيك مناد ينادى: «من أسلم رفعنا عنه الخراج، فيأتيك خمسون ألفا من المسلمين أسمع من هؤلاء وأطوع منهم.» قال:
- «فيهلك أميّة ومن معه.» قال:
- «ولم يهلك والناس معه لهم عدّة وعدد ونجدة وسلاح كامل ليقاتلوا عن أنفسهم حتّى يبلغوا الصين.» فلم يزل عتّاب بهذا وأشباهه حتّى [حرق][١] بكير السفن ورجع إلى مرو، فأخذ ابن أميّة فحبسه، ودعا الناس إلى خلع أميّة، فأجابوه. وبلغ أميّة فصالح أهل بخارى على شيء يسير، وبادر بالرجوع، وأمر باتخاذ السفن فاتّخذت، وقال لمن معه من وجوه تميم:
- «ألا تعجبون من بكير؟ [٣٩٧] إنّى قدمت خراسان، فحذّرته، ورفع عليه وشكا منه، وذكروا أموالا أصابها، فأعرضت عن ذلك كلّه ولم أفتّشه عن شيء، ولا أحدا من عمّاله، ثمّ عرضت عليه شرطتي، فأبى، فأعفيته، ثمّ ولّيته، فحذّرته، وأمرته بالمقام، وما كان ذلك إلّا نظرا له، ثمّ رددته إلى مرو، وولّيته الأمر، فكفر ذلك، وكافأنى بما ترون.»
[١] . فى الأصل ومط: قطع. وما أثبتناه فمن الطبري (٨: ١٠٢٤) .