للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمان بن حبيب الحكمي. وجعل ابن الأشعث على ميمنته الحجّاج بن جارية الخثعمي، وعلى ميسرته الأبرد بن قرّة التميمي، وعلى خيله عبد الرحمان بن العباس بن عامر الشعبي، وسعيد بن جبير، وأبو البختري الطائىّ، وعبد الرحمان بن أبى ليلى. فكانوا يتزاحفون كلّ يوم ويقتتلون. [٤٢٢] فأما أهل الكوفة والبصرة فتأتيهم موادّهم من السواد فهم فى ما شاءوا من خصب. وأما أهل الشام ففي ضيق شديد قد غلب عليهم الأسعار وقلّ عندهم الطعام وفقدوا اللحم وكانوا كأنّهم فى حصارهم [١] وهم على ذلك يغادون أهل العراق ويراوحون فيقتتلون أشدّ القتال. وكان الحجّاج يدنى خندقه مرّة وهؤلاء أخرى.

فعبّى ذات يوم الحجّاج أصحابه وزحف فيها. وخرج ابن الأشعث فى سبعة صفوف بعضها فى أثر بعض وعبّى الحجّاج لكتيبة القرّاء التي فيها جبلة بن زحر ثلاث كتائب وعليهم الجرّاح بن عبد الله الحكمي، فأقبلوا نحوهم.

فتحدّث أبو يزيد السكسكي قال: أنا والله فى الخيل التي عبّئت لجبلة بن زحر كلّ كتيبة تحمل حملة، فو الله ما استفضضناهم ولا شيئا منهم [٢] .

وقال أبو الزبير الهمداني: كنت فى خيل جبلة بن زحر. فلمّا حمل علينا أهل الشام مرّة بعد مرّة نادانا عبد الرحمان بن أبى ليلى الفقيه، فقال:

- «يا معشر القرّاء، إنّ الفرار ليس بأحد من الناس أقبح منه بكم. إنّى سمعت عليّا- رفع الله درجته فى الصالحين والشهداء [٤٢٣] والصدّيقين- يقول يوم لقينا أهل الشام: أيها المؤمنون، إنّه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكره بلسانه فقد أجر وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله العليا [٣] وكلمة الظالمين السفلى فذلك الذي


[١] . فى حصارهم: كذا فى الأصل والطبري ٨: ١٠٧٦. وما فى مط: فى عصارهم!
[٢] . منهم: كذا فى الأصل. وما فى مط: منها. والعبارة فى الطبري (١٠٧٧) : وما استنقصنا منهم شيئا.
[٣] . اقتباس من: س ٩ التوبة: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>