للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا أصبح ابن الأشعث خطبهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:

- «أمّا بعد، فإنّى قد شهدتكم فى هذه المواطن، وليس منها مشهد لا أصبر لكم فيه [١] نفسي حتّى لا يبقى فيه منكم أحد، وقد كنت لمّا رأيتكم لا تصبرون ولا تصدقون القتال، أتيت ملجأ ومأمنا فكنت فيه. فجاءتني كتبكم بأن: أقبل إلينا فإنّا قد اجتمعنا وأمرنا واحد، لعلّنا نقاتل عدوّنا. فأتيتكم، فرأيتم أن أمضى إلى خراسان وزعمتم أنّكم مجتمعون لى، وأنّكم لن تتفرّقوا عنّى، فحسبي منكم يومى هذا. قد صنع عبيد الله ما قد رأيتم، فاصنعوا أنتم أيضا ما بدا لكم. أما أنا فمنصرف إلى صاحبي الذي أتيتكم من قبله. فمن أحبّ منكم أن يتبعني فليتبعني، ومن كره ذلك فليذهب حيث أحبّ فى كنف الله.» فتفرّقت منهم طائفة ونزلت معه طائفة وبقي عظم العسكر. فوثبوا إلى عبد الرحمان بن عباس الهاشمىّ لما انصرف ابن الأشعث، فبايعوه ثمّ مضى عبد الرحمان بن الأشعث إلى رتبيل ومضوا هم إلى خراسان حتّى انتهوا إلى هراة، فلقيهم الرقاد بن عبيد العتكىّ، فقتلوه [٤٣٨] وخرج إليهم يزيد بن المهلّب، وأرسل إليهم وإلى الهاشمىّ:

- «قد كان لك فى البلاد متّسع ومن هو أكلّ منّى حدّا وأهون شوكة، فارتحل إلى بلد ليس [لى] [٢] فيه سلطان، فإنّى أكره قتالك. وإن أحببت أن أمدّك بمال لسفرك أعنتك عليه.» فأرسل إليه:

- «ما نزلنا هذه البلاد لمحاربة ولا انتقام، ولكنّا أردنا أن نريح ثمّ نشخص إن شاء الله، وليست بنا حاجة إلى ما عرضت.» فانصرف رسول يزيد إليه، وأقبل الهاشمىّ على الجباية وبلغ يزيد، فقال:


[١] . فيه: كذا فى الطبري (٨: ١١٠٥) ومط. وما فى الأصل: فيها. وهو سهو.
[٢] . ما بين [] تكملة من الطبري (٨: ١١٠٦) تطلّبه سياق العبارة، فأضفناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>