للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «اضرب عنق تندر!» فقتله.

ثمّ قال لضرار:

- «لم يعلم هذا الخبر غيرى وغيرك، وإنّى أعطى الله عهدا، إن ظهر هذا الحديث من أحد حتّى تنقضي حربنا، لألحقنّك بتندر، فاملك لسانك، فإنّ انتشار هذا الحديث يفتّ فى أعضاد الناس.» ثمّ أذن للناس، فدخلوا، فراعهم قتل تندر، فوجموا وأطرقوا، فقال قتيبة:

- «ما يردعكم من قتل عبد أحانه [١] الله.» قالوا:

- «كنّا نظنّه ناصحا للمسلمين.» قال:

- «بل كان غاشّا، قد مضى لسبيله بذنبه، فاغدوا على قتال عدوّكم والقوهم بغير ما كنتم تلقونهم به.» فغدا الناس متأهبين، فأخذوا مصافّهم، ومشى قتيبة فحضّ أهل الرايات.

فكانت بين الناس مشاولة. ثمّ إنّهم تزاحفوا والتقوا، وأخذت السيوف مآخذها، فقاتلوهم حتّى زالت الشمس، ثمّ منح الله المسلمين أكتافهم، فانهزم المشركون يريدون المدينة، فاتبعهم المسلمون فشغلوهم عن الدخول، فتفرّقوا، وركبهم المسلمون قتلا وأسرا، واعتصم من دخل المدينة بالمدينة وهم قليل. فوضع قتيبة [٤٧٣] الفعلة فى أصلها ليهدمها، فسألوه الصلح فصالحهم، واستعمل عليهم رجلا من قيس، وارتحل عنهم يريد الرجوع. فلمّا سار مرحلتين نقضوا، وكفروا، وقتلوا العامل وأصحابه وجدعوا آنفهم [٢] وآذانهم، وبلغ ذلك قتيبة، رجع إليهم وقد تحصّنوا، فقاتلهم شهرا، ثمّ وضع الفعلة فى أصل المدينة، فعلّقوها بالخشب وهو يريد إذا فرغ من تعليقها أن يحرق الخشب فينهدم. فسقط الحائط وهم يعلّقونه،


[١] . أحانه الله: أهلكه الله. الحين بمعنى الهلاك والمحنة.
[٢] . آنفهم: كذا فى الأصل. وفى مط: آنافهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>