للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «ما خذلتك، ولكن عصيتني وأسأت إلى نفسك، خلعت وغدرت.» قال:

- «دعني من العتاب، ما لرأى؟» قال:

- «الرأى أن تأتيه، فقد أمحكته [١] وليس ببارح [٢] موضعه هذا وقد اعتزم على أن يشتو بمكانه، هلك أو سلم.» قال:

- «يا سليم آتيه من غير أمان.» قال:

- «ما أظنّه يؤمنك، فقد ملأت قلبه غضبا، ولكنّى أرى ألّا يعلم بك حتّى تضع يدك فى يده، فإنّى أرجو إن فعلت ذلك أن يستحى منك ويعفو عنك.» قال:

- «أترى ذاك؟» قال:

- «نعم.» قال:

- «إنّ نفسي لتأبى هذا وهو إن رءانى قتلني.» قال سليم:

- «ما أتيتك إلّا لأشير عليك بهذا، ولو فعلت لرجوت [٤٨٥] أن تسلم وتعود حالك عنده إلى ما كانت. فأمّا إذا أبيت فأنا منصرف.» قال:

- «فتغذّ الآن.» قال:

- «لأظنّكم فى شغل عن تهيئة الطعام ومعنا طعام كثير.» ودعا سليم بالغداء، فجاؤوا بطعام كثير لا عهد لهم بمثله منذ حصروا، فانتهبه الأتراك، فغمّ ذلك نيزك وتبيّن ذاك فى وجهه. فقال له سليم:

- «يا با الهيّاج، إنّى لك من الناصحين، إنّى أرى أصحابك قد جهدوا، وإن طال بهم الحصار لم آمنهم أن يستأمنوا بك، فانطلق معى حتّى تأتى قتيبة.» قال:

- «ما كنت لآتيه على غير أمان وإنّ ظنّى به أنّه قاتلي وإن آمنني، ولكنّ


[١] . أمحكه: ما حكمه: محكة: خاصمه ولاجّه وتمادى فى اللجاجة. أمحكه: أغضبه.
[٢] . ببارح: كذا فى الأصل وهو الصحيح. وما فى مط: تبارح وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>