للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا أشدّ منهم.

فتحدّث شعبة قال: إنّا لنختلف عليهم بالضرب والطعن إذ تبيّنت قتيبة، فضربت ضربة أعجبتنى وأنا أنظر إلى قتيبة فقلت:

- «كيف ترى بأبى أنت وأمّى؟» فقال:

- «اسكت دقّ الله فاك.» فقتلناهم، فلم يفلت منهم إلّا الشريد، وأقمنا نحوي [١] الأسلاب، ونحتزّ الرؤوس حتّى أصبحنا، ثمّ أقبلنا إلى العسكر. فلم أر قطّ جماعة جاءوا بمثل ما جئنا به، ما منّا رجل إلّا معلّقا رأسا معروفا باسمه، وسلبا من جيّد السلاح [٤٩٥] وكريم المتاع ومناطق الذهب ودوابّ فره، وجئنا بالرؤوس إلى قتيبة، فقال:

- «جزاكم الله خيرا عن الدين والأحساب.» ثمّ أكرمنى من غير أن يكون باح لى بشيء، وقرن بى فى الصلة والإكرام حيّان العدوى وحليسا الشيبانى. فظننت أنّه رأى منهما مثل الذي رأى منّى.

وكسر ذلك أهل السغد وطلبوا الصلح وعرضوا الفدية، فأبى قتيبة وقال:

- «أنا ثائر بدم طرخون- يعنى صاحبهم- كان مولاي، وفى ذمّتى.» ووضع قتيبة عليهم المجانيق فرماهم وهو فى ذلك لا يقلع عنهم، وناصحه من كان معه من أهل بخارى وأهل خوارزم، وبذلوا أنفسهم.

فأرسل إليهم غورك:

- «إنّك إنّما تقاتلني بإخوتى وأهل بيتي من العجم فأخرج [٢] إلى العرب.» فغضب قتيبة ودعا الجدلىّ وقال:

- «اعرض الناس وميّز أهل البأس.» فجمعهم، ثمّ جلس قتيبة يعرضهم بنفسه، ودعا العرفاء، فجعل يدعو برجل


[١] . من قولهم: حوى يحوى.
[٢] . الضبط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>