للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفرّقت الجعراء [١] أن صاح دارس ... ولم يصبروا تحت السيوف الصوارم

جزى الله قيسا عن عدىّ ملامة ... ألا صبروا حتّى تكون تلاحم

وخرج يزيد بن المهلّب حتّى اجتمع له الناس، حتّى نزل جبّانة بنى يشكر وهو المنصف فى ما بينه وبين القصر. وجاءته تميم وأهل الشام، فاقتتلوا هنيهة، فحمل عليهم محمّد بن المهلّب، فضرب مسور بن عباد الحبطىّ بالسيوف، فقطع أنف البيضة، وأسرع السيف فى وجهه، وحمل على هريم بن أبى طحمة، فأخذ بمنطقته فجذبه عن فرسه وتماسك فى السرج حتّى انقطعت المنطقة، وقال:

- «هيهات! عمّك أرزن من هذا.» فانهزم القوم وأقبل يزيد فى أثر القوم يتلوهم حتّى دنا من القصر. وخرج إليه عدىّ بنفسه فى أصحابه، فقاتلوا ساعة وقتل من أصحابه خلق فيهم: الحارث بن مصرّف الأودى، وكان من أشراف أهل الشام وفرسان الحجّاج، وقتل موسى بن الوجيه الحميري [٥٥٨] وقتل جماعة أمثالهم.

ثم انهزم أصحاب عدىّ، وسمع أخوه يزيد- وهم فى محبس عدىّ- الأصوات تدنو والنشّاب تقع فى القصر والصحن، فقال لهم عبد الملك:

- «إنّى لا أرى يزيد إلّا قد ظهر، ولست آمن من مع عدىّ من مضر ومن أهل الشام أن يأتوا فيقتلونا قبل أن يصل يزيد إلى الدار، فأغلقوا الباب ثمّ أسندوه.

بالثياب والرحل.» ففعلوا، فلم يلبثوا ساعة حتّى جاءهم عبد الله بن دينار مولى بنى عامر وكان على حرس بنى عدىّ. فجاء يشتدّ إلى الباب هو وأصحاب له وقد صنع بنو المهلّب ما قال لهم عبد الملك، ووضعوا متاعا كثيرا على الباب، ثمّ اتّكأوا عليه.


[١] . الجعراء: كذا فى الأصل ومط. وما فى الطبري (٩: ١٣٨٣) : «الحمراء إذ» بدل: «الجعراء أن» . وفى حواشيه عن الأصول: الجفراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>