للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال ابو الصّيداء:

- «أغدرتم ورجعتم عمّا قلتم؟» فقال له هانئ:

- «ليس بغدر ما كان فيه حقن الدّماء.» وحمل أبا الصّيداء إلى الأشرس، وحبس ثابت قطنة عنده. فلمّا حمل ابو الصّيداء اجتمع أصحابه، وولّوا أمرهم أبا فاطمة ليقاتلوا هانئا، فقال لهم:

- «كفّوا، حتى أكتب إلى الأشرس فيأتينا رأيه.» فكتبوا إلى أشرس، فكتب الأشرس:

- «ضعوا عليهم الجزية.» فرجع أصحاب أبى الصّيداء منكسرين وضعف أمرهم، ولم يقدموا على محاربة السّلطان، وتتبّع العمّال الرؤساء منهم وحملوا إلى مرو، وبقي ثابت قطنة محبوسا، وألحّ هانئ والعمّال فى الخراج وجباية الأموال والجزية، حتّى استخفّوا [١] بعظماء العجم، وسلّطوا عليهم من أقامهم، وحرّق ثيابهم، وألقى مناطقهم فى أعناقهم، وأخذوا الجزية من الضّعفاء. فكفرت السّغد وبخارى، واستجاشوا التّرك فلم يزل ثابت قطنة فى حبس المجشّر حتّى قدم نصر بن سيّار واليا [٤٠] على المجشّر، فحمل ثابتا إلى أشرس مع إبراهيم بن عبد الله الليثي، فحبسه، وكان نصر بن سيّار ألطفه وأحسن إليه، فمدحه ثابت وهو محبوس عند أشرس، فقال:

ما هاج شوقك من نؤى وأحجار ... ومن رسوم عفاها صوب أمطار

لم يبق منها ومن أعلام عرصتها ... إلّا صبيح [٢] ، وإلّا موقد النّار


[١] . استخفّوا: كذا فى الأصل، ومط: استخفّوا. وما فى آ: واستفتحوا.
[٢] . صبيح: كذا فى الأصل ومط وآ: صبيح. وما فى الطبري (٩: ١٥١٠) : شجيج. وفى حواشيه: شحيج، صبيح (بالإهمال) .

<<  <  ج: ص:  >  >>