للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرعيّة المحروم، والمضروب، والمقام عليه وفيه وفي حميمه الحدود، والداخل عليه بعزّ الملك الذلّ في نفسه وخاصّته. فكلّ هؤلاء يجرى إلى متابعة أعداء الملك. ثمّ يتولّد من كثرتهم أن يجبن الملك عن الإقدام عليهم، فإنّ إقدام الملك على جميع الرعيّة تغرير [١] بملكه ونفسه، ويتولّد من جبن الولاة عن تأديب العامة تضييع الثغور التي فيها الأمم من ذوى الدين والبأس، لأنّ الملك إن سدّ الثغور بخاصّته المناصحين له، وخلت [٢] به العامّة الحاسدة المعادية [٣] ، لم يعد بذلك تدريبهم في الحرب، وتقويتهم في السلاح، وتعليمهم المكيدة مع البغضة، فهم عند ذلك أقوى عدو [وأضرّه، وأحنقه] [٤] ، وأحضره، وأخلقه بالظفر، ولا بدّ من استطراد [١١٠] هذا كله إذا ضيّع أوّله.

- «فمن ألفى منكم الرعيّة بعدي وهي على حال أقسامها الأربعة التي هي: أصحاب الدين، والحرب، والتدبير، والخدمة- من ذلك:

الأساورة صنف، والعبّاد والنسّاك وسدنة النيران صنف، والكتّاب والمنجّمون والأطبّاء صنف، والزرّاع والمهّان والتجار صنف- فلا يكوننّ بإصلاح جسده أشدّ اهتماما منه بإحياء تلك الحال، وتفتيش ما يحدث فيها من الدخلات [٥] ، ولا يكوننّ لانتقاله عن الملك بأجزع منه من انتقال صنف من هذه الأصناف إلى غير مرتبته. لأنّ تنقّل الناس عن مراتبهم سريع في نقل الملك عن ملكه: إمّا إلى


[١] . غرر به: عرّضه للهلكة.
[٢] . خلت به: خادعته.
[٣] . غ: المعادية المنافسة، وإن التمس سدّ الثور بالعامة الحاسدة ولم يعد.
[٤] . زيادة من غ.
[٥] . الدخلات: النيات. دخلة الأمر: بطانته. الدخلة: المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>