للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلع، وإمّا إلى فتك. فلا يكوننّ من شيء من الأشياء أوحش بتّة [١] من رأس صار ذنبا، أو ذنب صار رأسا، أو يد مشغولة أحدثت فراغا، أو كريم ضرير، أو لئيم مرح. فانّه يتولّد من تنقّل الناس عن حالاتهم، أن يلتمس كلّ امرئ منهم أشياء فوق مرتبته. [١١١] فإذا انتقل أو شك أن يرى أشياء أرفع مما انتقل إليه، فيغبط وينافس. وقد علمتم أنّ من الرعيّة أقواما هم أقرب الناس من الملوك حالا. وفي تنقّل الناس عن حالاتهم مطمعة للذين يلون الملوك في الملك، ومطمعة للذين دون الذين يلون الملوك في تلك الحال، وهذا لقاح بوار الملك.

- «ومن ألفى منكم الرعيّة وقد أضيع [٢] أوّل أمرها، فألفاها في اختلاف من الدين، واختلاف [٣] من المراتب، وضياع من العامّة، وكانت به على المكاثرة قوّة، فليكاثر [٤] بقوّته ضعفهم، وليبادر بالأخذ بأكظامهم قبل أن يبادروا بالأخذ بكظمه [٥] ، ولا يقولنّ:

أخاف العسف [٦] . فإنّما يخاف العسف من يخاف جريرة العسف على نفسه، فأمّا إذا كان العسف لبعض الرعيّة صلاحا لبقيّتها، وراحة له ولمن بقي معه من الرعيّة، من النغل [٧] والدغل والفساد، فلا يكوننّ إلى شيء بأسرع منه إلى [١١٢] ذلك، فإنّه ليس نفسه ولا أهل موافقته يعسف، ولكنّما [٨] يعسف عدوّه.

- «ومن ألفى منكم الرعيّة في حال فسادها، ولم ير بنفسه عليها


[١] . بتّة: قطعا. غ: منه بدل: بتّة. مط: نية.
[٢] . غ: ضاع.
[٣] . غ: واختلال.
[٤] . كاثره: غالبه بالكثرة.
[٥] . أخذ بكظمه: كربه وغمّه.
[٦] . العسف: الظلم.
[٧] . النغل: الإفساد بين القوم. نغلت نيته: ساءت.
[٨] . غ: ولكنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>