- «أتلوّم وأنظر.» فأقام يوما أو يومين لا يرى إلّا هاربا قد امتلأت قلوبهم رعبا من الخوارج.
فأمر عند ذلك بالرحيل إلى واسط وجمع خالد بن العزيل أصحابه، فلحق بمروان وهو بالجزيرة مقيم.
ونظر عبيد الله بن العبّاس الكندي إلى ما لقي الناس فلم يأمن على نفسه فجنح إلى الضحّاك فبايعه وكان فى عسكره.
فقال أبو عطاء السندي يعيّره باتباعه الضحّاك وقد قتل أخاه:
فقل [١] لعبيد الله لو كان جعفر ... هو الحىّ لم يجنح وأنت قتيل
ولم يتبع المرّاق والثّار فيهم ... وفى كفّه عضب الذّباب صقيل
إلى معشر أردوا أخاك وأكفروا ... أباك فماذا بعد ذاك تقول
فلمّا بلغ عبيد الله هذا البيت قال:
- «أقول: أعضّك الله ببظر أمّك.» وأقام عبد الله بن عمر يقاتل الضحّاك أيّاما فاقتتلوا فى بعض الأيّام واشتدّ قتالهم. فشدّ منصور بن جمهور على قائد من قوّاد الضحّاك عظيم القدر فى الشراة يقال له: عكرمة، من بنى شيبان فضرب فقطّه باثنين، فقتله.
ثمّ إنّ [٢٣٢] منصورا قال بعد ذلك وقد لقى جهدا لابن عمر:
- «ما رأيت فى الناس مثل هولاء قطّ- يعنى الشراة- فلم تحاربهم أنت وتشغلهم عن مروان؟ أعطهم الرضا واجعلهم بينك وبين مروان. فإنّك إن
[١] . فى الأصل: قل. وما أثبتناه يوافق مط والطبري (٩: ١٩٠٤) .