وكان أبو مسلم قد عسكر قريبا منه فارتحل عبد الله بن علىّ متوجّها نحو الشام. وتحوّل أبو مسلم حتّى نزل فى معسكر عبد الله بن علىّ [٣٦٤] فى موضعه وعوّر ما كان حوله من المياه وألقى فيها الجيف، وبلغ عبد الله بن علىّ ذلك فقال لأصحابه:
- «ألم أقل لكم؟» ثمّ أقبل عبد الله فلم يجد غير موضع عسكر أبى مسلم الذي كان به فاقتتلوا ستّة أشهر.
فحكى من شهد مع أبى مسلم هذه الحرب: أنّه لمّا كان بعد ستّة أشهر التقينا فحمل علينا أصحاب عبد الله، فصدمونا صدمة أزالونا عن مواقفنا وانصرفوا.
- «لو حرّكت دابّتى حتّى أشرف على هذا التلّ فأصيح بالناس، فقد انهزموا.» قال: «افعل.» قال، قلت:«وأنت أيضا، لو حرّكت دابّتك معى.» فقال: «إنّ أهل الحجى لا يعطفون دوابّهم فى مثل هذه الحال. ناد: يا أهل خراسان، ارجعوا، فإنّ العاقبة للمتّقين.» ففعلت، فتراجع الناس وارتجز أبو مسلم:
من كان ينوي أهله فلا رجع ... فرّ من الموت وفى الموت وقع
وقد كان عمل لأبى مسلم عريش، فكان يجلس فيه [١] إذا التقى الناس