للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إلى أين؟» قال: «أجد غمزا.» قال: «ففي الدار إذا.» قال: «الذي أجده أشدّ من أن أقيم معه فى الدار.» ونهض فصار إلى حرّاقته، [١] ونهض المنصور فى أثره متفزّعا إلى الحرّاقة، فاستأذنه عيسى فى المصير إلى الكوفة، فقال:

- «بل تقيم، فتعالج ها هنا.» فأبى وألحّ حتّى أذن له وكان الذي حداه على ذلك طبيبه بختيشوع فإنّه قال له:

- «أنت مسموم، وو الله ما أجترئ على معالجتك بالحضرة.» [٤٦٣] فاستأذنه، فأذن له، وبلغت العلّة بعيسى كلّ مبلغ حتّى تمعّط [٢] شعره، ثمّ أفاق. ويقال إنّ عيسى إنّما كان يمتنع على أبى جعفر لأنّه كان يريّض الأمر لابنه موسى، فبعث أبو جعفر إلى موسى من يخوّفه على نفسه وعلى أبيه، فقال موسى:

- «إنّى قد أرى ما يسام أبى من إخراج هذا الأمر من عنقه وتصييره للمهدىّ، وقد نصبت عليه وجوه الحتوف من السمّ مرّة، وبهدم الحيطان مرّة، وبضروب الإهانات، وليس يعطى على هذا شيئا، ولكن ها هنا وجه واحد لعلّه يعطى عليه إن أعطى، وإلّا فلا.» قال له الواسطة بينه وبين أبى جعفر:

- «وما هو؟» قال: «إنّما أقوله إذا أمنت على نفسي، وإنّما هو روحي اجعله فى يده، ولا بدّ


[١] . الحرّاقة: السفينة فيها مرامي نيران يرمى بها العدوّ.
[٢] . تمعّط الشعر: سمط من داء عرض له.

<<  <  ج: ص:  >  >>