للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لى ممّا أثق به وأطمئنّ إليه.» فأعطاه كلّ ما أحبّ من ذلك، فقال:

- «يقبل عليه أمير المؤمنين وأنا شاهده، فيقول له: يا عيسى، إنّى قد علمت أنّك لست تضنّ بهذا الأمر عن المهدىّ لنفسك لتعالى سنّك، وإنّما تضنّ به لمكان ابنك، أفترى أنّى أدع ابنك يبقى بعدك؟ كلّا والله، ولآتينّ عليه وأنت تنظر إليه حتّى تيأس [٤٦٤] منه ثمّ يأمر بى، فإمّا خنقت، وإمّا شهر علىّ سيف، فإن أجاب إلى شيء فعسى أن يفعل فى ذلك الوقت، وإلّا فلا.» فقال له:

- «جزاك الله خيرا، فديت أباك بنفسك، نعم الرأى رأيت، ونعم المسلك سلكت.» ثمّ أتى أبا جعفر فأخبره، فجزّى موسى خيرا وقال:

- «قد والله أحسن وأجمل، وسأفعل ما أشار به، ويسّره الله بعاقبة ذلك إن شاء الله.» فلمّا اجتمعوا أقبل المنصور على عيسى بن موسى وقال:

- «يا عيسى إنّى لا أجهل مذهبك الذي تضمره ولا مداك الذي تجرى إليه فى الأمر الذي سألتك، إنّما تريد [١] هذا الأمر لا بنك هذا المشؤوم عليك وعلى نفسه، أما والله لأعجلّن لك فيه ما يسوءك. يا ربيع، اخنق موسى بحمائله حتّى تأتى على نفسه.» وقد كان واطأ الربيع على الرفق به. فضمّ الربيع حمائله على عنقه فجعل يخنقه خنقا رويدا وموسى يصيح:

- «الله، الله فىّ يا أمير المؤمنين وفى دمى، فو الله إنّى لبعيد ممّا تظنّ بى، وما


[١] . فى الأصل: يريد. فى آ: تريد، وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>