فقال:«بلى، قد أغلقت.» قال: فظنّ أبى أنّه يريد أن يحتبسه ليسكن من مسيره، ثمّ يسائله، فقال:
- «يا غلام، اذهب، فهيّئ لأبى الفضل فى منزل محمّد بن أبى عبيد الله مبيتا.» فلمّا رأى أنّه يريد أن يخرج من الدار، قال:
- «فليس تغلق الدروب دوني.» ثمّ قام، فلمّا خرجنا من الدار أقبل علىّ فقال:
- «يا بنىّ، أنت أحمق.» قلت: «وما حمقى؟» قال: «تقول فى نفسك كان ينبغي ألّا تجيء وكان ينبغي إذ جئت فحجبنا ألّا تقيم حتّى صلّيت العتمة، وأن ترجع فتنصرف ولا تدخل، وكان ينبغي إذ دخلت فلم يقم لك، أن ترجع ولا تقيم عليه ولا تجلس بين يديه، ولم يكن الصواب إلّا ما عملته كلّه ولكن والله الذي لا إله إلّا هو- واستغلق فى اليمين- لأخلقنّ جاهي ولأنفقنّ مالي حتّى أبلغ مكروه أبى عبيد الله.» قال: ثمّ جعل [٥٠٠] يضطرب بجهده فلا يجد مساغا إلى مكروهه ويحتال الحيل، حتّى ذكر القشيري الذي كان أبو عبيد الله حجبه، وكان هذا الرجل فى مسامرى المهدىّ بنيسابور وبالرىّ وفيمن يأنس به، فعارض أبا عبيد الله يوما بين يدي المهدىّ فى أمر، فتقدّم أبو عبيد الله بأن يحجب عن المهدىّ، وأسقط اسمه، فأرسل إليه أبى فجاءه فقال:
- «إنّك قد علمت ما ركبك به أبو عبيد الله، وقد بلغ منّى كلّ غاية من المكروه وقد أرغت أمره بجهدى فما وجدت عليه طريقا فعندك حيلة فى أمره؟» فقال: «إنّما يؤتى أبو عبيد الله من أحد وجوه أذكرها لك. يقال: هو جاهل