بصناعته، فأبو عبيد الله أحذق الناس. أو يقال: هو ظنين فيما يتقلّده، فأبو عبيد الله أعفّ الناس لو أنّ بنات المهدىّ فى حجره كان لهنّ موضعا. أو يقال: هو يميل إلى أن يخالف السلطان فليس يؤتى أبو عبيد الله من ذلك الّا أنّه يميل إلى القدر [١] . أو يقال: هو متّهم فى الله. فأبو عبيد الله ذو عقد وثيق ولكن هذا كلّه مجتمع لك فى ابنه.» قال: فتناوله الربيع، فقبّل بين عينيه، ثمّ دبّ [٥٠١] لابن أبى عبيد الله. فو الله ما زال يحتال ويدّس إلى المهدىّ ويتّهمه ببعض حرم المهدىّ، ويحقّق عليه الزندقة حتّى استحكم عند المهدىّ الظنّة بمحمّد بن أبى عبيد الله، فأمر فأحضر وأخرج أبو عبيد الله فقال:
- «يا محمّد، اقرأ القرآن.» فذهب ليقرأ، فاستعجم عليه، فقال:
- «يا معاوية، ألم تعلمني أنّ ابنك جامع للقرآن؟» قال: «قد أخبرتك يا أمير المؤمنين، ولكنّه فارقنى منذ سنين، وفى هذا المدّة نسى القرآن.» قال: «قم، فتقرّب إلى الله تعالى بدمه.» قال: فذهب يقوم فوقع، فقال العبّاس بن محمّد:
- «إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تعفى الشيخ، فإنّه يضعف عن ذلك.» قال: ففعل، وأمر به فأخرج وضربت عنقه. قال: واتهمه المهدىّ فى نفسه.
فقال له الربيع:
- «قتلت ابنه، وليس ينبغي أن يكون معك ولا أن تثق به.» قال: فأوحش المهدىّ منه، وكان من أمره ما كان. وبلغ الربيع ما أراد