فقال يحيى:«ما معنى يزعم، ها هو ذا لساني.» وأخرج لسانه أخضر مثل السلق.
قال: فتربّد هارون، واشتدّ غضبه، فقال يحيى:
- «يا أمير المؤمنين، إنّ لنا قرابة ورحما ولسنا بترك ولا ديلم، يا أمير المؤمنين، إنّا وأنتم أهل بيت واحد، فأذكّرك الله والقرابة والرحم برسول الله، صلّى الله عليه، علام تعذّبنى وتحبسني؟» قال: فرقّ له هارون الرشيد، وأقبل بكّار الزبيري على الرشيد، فقال:
- «يا أمير المؤمنين، لا يغرّك كلامه، فإنّه شاقّ عاص، وهذا منه مكر وخبث، إنّ هذا أفسد علينا مدينتنا وأظهر فيها العصيان.» قال: فأقبل يحيى عليه، فو الله ما استأذن أمير المؤمنين فى الكلام حتّى قال:
- «أفسدوا عليكم مدينتكم؟ ومن أنتم عافاكم الله؟» قال الزبيري: هذا كلامه قدّامك، فكيف إذا غاب عنك؟ يقول: ومن أنتم عافاكم الله، واستخفافا بنا.» قال:[٥٤٢] فأقبل يحيى عليه، فقال:
- «نعم، ومن أنتم عافاكم الله، المدينة كانت مهاجر عبد الله بن الزبير، أم مهاجر رسول الله صلّى الله عليه، ومن أنت حتّى تقول: أفسدوا علينا مدينتنا، وإنّما بآبائى وأباء هذا هاجر أبوك إلى المدينة.» ثمّ قال:
- «يا أمير المؤمنين، إنّما الناس نحن وأنتم، فإن خرجنا عليكم قلنا أكلتم وأجعتمونا، ولبستم وأعريتمونا، وركبتم وأرجلتمونا فوجدنا بذلك مقالا فيكم، ووجدتم بخروجنا عليكم مقالا فينا، فتكافأ فيه القول، ويعود أمير المؤمنين على أهله فيه بالفضل يا أمير المؤمنين، فلم يجترئ هذا وضرباؤه