فذكر بعض خاصّة محمد أنّ أسدا اقترح على محمد أن يسلّم إليه ولدي عبد الله المأمون حتّى يكونا أسيرين فى يدي، فإن أعطانى الطاعة وألقى بيده وإلّا عملت فيهما بحكمي فقال محمد:
- «أنت أعرابىّ مجنون تدعو إلى الخرق والتخليط وتقترح فوق قدرك.» وأمر به فحبس.
ثمّ قال محمد:
- «هل فى بيت هذا من يقوم مقامه؟ فإنّى أكره أن أستفسدهم مع سابقتهم وما تقدّم من طاعتهم ونصيحتهم.» قالوا: «نعم فيهم أحمد بن مزيد عمّه وهو أحسنهم طريقة وأصلحهم نيّة وله مع هذا بأس ونجدة وبصر بسياسة [٧٧] الجنود ومباشرة الحروب.» فأنفذ إليه محمد يزيدا فأقدمه عليه. قال أحمد: فلمّا دخلت بغداد بدأت بالفضل بن الربيع، فقلت أسلّم عليه وأستعين بمنزلته ومحضره عند محمد.
فلمّا أذن لى دخلت وإذا عنده عبد الله بن حميد بن قحطبة وهو يريده على الشخوص إلى طاهر وعبد الله يشتطّ عليه فى طلب المال والسلاح والإكثار من الرجال. فلمّا رآني رحّب بى وأخذ بيدي فرفعني حتّى صيّرنى معه على صدر المجلس، ثمّ أقبل على عبد الله يمازحه ويداعبه، فتبسّم فى وجهه ثمّ قال:
إنّا وجدنا لكم إذ رثّ حبلكم ... من آل شيبان أمّا دونكم وأبا
الأكثرون إذا عدّ الحصى عددا ... والأقربون إلينا منكم نسبا