للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا بزمان كثير، فاستكلب العيّارون والعراة وسلبوا من قدروا عليه من الرجال والنساء والضعفاء من أهل الذمّة والملّة، فكان منهم فى ذلك ما لم يبلغنا أنّ مثله كان فى شيء من الأوقات المتقدّمه. فأمّا فى المستأنف [١] فقد جرت أمور عظام قبيحة مثل هذا وأقبح منه سنذكرها إذا بلغنا إليها إن شاء الله.

فلمّا طال ذلك على الناس وضاقت بغداد بأهلها استأمن محمد بن عيسى صاحب الشرطة وعلىّ افراهمرد إلى طاهر، فضعف أمر محمد جدّا وأيقن بالهلاك وخرج من بغداد كلّ من كانت [١٠٢] به قوّة، بعد الغرم الفادح وبعد المضايقة [٢] العظيمة والخطر الفاحش، فكان الرجل أو المرأة إذا تخلّص من أصحاب الهرش وصار إلى أصحاب طاهر، ذهب عنه الروع وأمن، وأظهرت المرأة ما معها من حليّها وغير ذلك، وكذلك الرجل.

ولمّا صارت الحرب بين العيّارين وبين أصحاب طاهر، خرج قائد من قوّاد خراسان، ممّن كان مع طاهر بن الحسين من أهل البأس والنجدة، فنظر إلى قوم عراة لا سلاح معهم، فاستهان بهم واستحقرهم وقال لأصحابه:

- «ما يقاتلنا إلّا من أرى؟» قالوا: «نعم، هؤلاء [٣] هم الآفة.» قال: «أفّ لكم حين تخيمون عن هؤلاء وتنكصون عنهم وأنتم فى السلاح الظاهر والعدّة، وأنتم أصحاب الشجاعة والبسالة وما عسى أن يبلغ كيد


[١] . كذا فى آ: المستأنف. وما فى الأصل غير واضح: المستأنف؟ المسانف؟ ولم نجده فى مظانّه فى الطبري (١١: ٨٨٣) .
[٢] . ما فى الأصل يحتمل أن يكون «مصاتعة» ، والمصاتعة: المصارعة.
[٣] . فى الأصل: هؤلاء ستحقرهم الآفة. وما فى آكما أثبتناه. والعبارة فى الطبري (١١: ٨٨٥) : نعم، هؤلاء الذين ترى هم الآفة. وربما كانت ما فى الأصل: هؤلاء الذين استحقرتهم هم الآفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>