هؤلاء بلا سلاح ولا جنّة؟» ثمّ أوتر قوسه وتقدّم ووضع عينه على بعضهم، فقصد نحوه وفى يده بارية [١] مقيّرة وتحت إبطه مخلاة فيها حجارة، فجعل الخراساني كلّما رمى بسهم استتر منه العيّار، فوقع فى باريته وقريبا منه فيأخذه فيجعله فى موضع من باريته [١٠٣] قد هيّأه لذلك شبيها بالجعبة، فكلّما وقع فى ترسه منهم أخذه وصاح.
- «دنق.» أى ثمن النشّابة دنق قد أحرزه.
فلم يزل حال الخراساني وحال العيّار تلك، حتّى أنفد الخراساني سهامه، ثمّ حمل على العيّار ليضربه بسيفه، فأخرج العيّار من مخلاته حجرا فجعله فى مقلاعه ورماه، فما أخطأ به عينه، ثمّ ثنّاه سريعا فكاد يصرعه عن فرسه لولا تحامله وكرّ راجعا وهو يقول:
- «ما هؤلاء بإنس.» فحدّث طاهر بحديثه فاستضحك وأعفى الخراساني من الخروج إليهم. وقال بعض شعراء أهل بغداد:
خرّجت هذه الحروب رجالا ... لا لقحطانها ولا لنزار
معشرا فى جواشن الصّوف يعدو ... ن إلى الحرب كالأسود الضّوارى
وعليهم مغافر الخوص تجزي ... هم عن البيض والتّراس البواري
ليس يدرون ما الفرار إذا الأب ... طال عاذوا من القنا بالفرار
واحد منهم يشدّ على أل ... فين عريان ما له من إزار
[١] . والضبط فى الطبري (١١: ٨٥٥) وفى تد (٤١٣) : باريّة (بالتشديد) ولا شدّة على ما فى الأصل وآ.