للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضربوا له فى ذلك الأمثال حتّى فزع وغيّر عزمه ورأيه.

وكان أصحابه الذين أشاروا بما أشاروا أولا جلوسا فى رواق البيت، فسمعوا جميع ما قاله سليمان وأصحابه، فهمّوا جميعا بقتل سليمان وأصحابه. ثمّ قالوا:

- «حرب من خارج وحرب من داخل.» [١١٥] فأمسكوا.

ثمّ أشار عليه هؤلاء وقالوا:

- «قد بذل لك الأمان فاقبله، فإنّما غايتك اليوم السلامة واللهو، وليس يمنعك [١] أخوك من ذلك وسينزلك حيث تحبّ ويفردك مع من تحبّ وتهوى، وليس عليك منه بأس ولا مكروه.» فركن إلى ذلك وأجابهم إلى الخروج إلى هرثمة دون طاهر، وكان استشعر خوفا من طاهر. وكان جماعة من أصحابه يكرهون هرثمة، لأنّهم كانوا من أصحابه وقد عرفهم وعرفوه وخافوا أن يجفوهم ولا يجعل لهم مراتب.

فدخلوا على محمد فقالوا:

- «أمّا إذ أبيت ما أشرنا به وهو الصواب وقبلت رأى هؤلاء وهو الخطأ، فالخروج إلى طاهر خير لك من الخروج إلى هرثمة.» فقال لهم محمد:

- «ويحكم إنّى أكره طاهرا وذلك أنّى رأيت فى منامي كأنّى قائم على حائط من آجر شاهق فى السماء عريض الأساس وثيق لم أر حائطا يشبهه فى الطول والعرض والوثاقة وعلىّ سوادي ومنطقتي وسيفي وقلنسوتي وخفّى، وكان طاهر فى أصل ذلك الحائط، بيده بيل يضرب به أصل الحائط


[١] . فى مط: يخلعك. وآ كالأصل: يمنعك.

<<  <  ج: ص:  >  >>