فما زال يضرب أصله حتّى سقط [١١٦] الحائط وسقطت وندرت قلنسوتي عن رأسى وأنا أتطيّر منه وأكره الخروج إليه، وهرثمة مولانا وبمنزلة الوالد وأنا به أشدّ ثقة.» فلمّا همّ محمد بالخروج إلى هرثمة وسعى له بذلك وأجابه هرثمة إلى ما أراد، اشتدّ ذلك على طاهر وأبى أن يرفّه عنه ويدعه يخرج وقال:
- «هو فى حيّزى والجانب الذي أنا فيه وأنا أخرجته بالحرب والحصار حتّى طلب الأمان فلا أرضى أن يخرج إلى هرثمة دوني فيكون الفتح له.» فلمّا رأى هرثمة والقوّاد ذلك اجتمعوا فى منزل خزيمة بن خازم، فصار إليهم طاهر فى خاصّة قوّاده وحضر محمد بن عيسى بن نهيك والسندي بن شاهك وأداروا الرأى بينهم. فأخبروا طاهرا أنّه لا يخرج إليه أبدا وأنّه إن لم يجب إلى ما سأل لم يؤمن أن يجرى فى أمره ما جرى مثله أيّام الحسين بن علىّ بن عيسى بن ماهان وقالوا له:
- «يخرج ببدنه إلى هرثمة إذ كان يأنس به ويثق بناحيته ويدفع الخاتم والقضيب والبردة وذلك هو الخلافة إليك، فلا تفسد هذا الأمر واغتنمه.» فأجاب طاهر إلى ذلك ورضى.
ولمّا تهيّأ محمد للخروج خرج [١١٧] إلى صحن القصر فقعد على كرسىّ وقام خدمه بين يديه بالأعمدة. وجاءه خادم فقال:
- «يا سيّدى، أبو حاتم يقرأ عليك السلام- يعنى هرثمة- ويقول لك: يا سيّدى وافيت للميعاد لحملك، ولكنّى رأيت ألّا تخرج الليلة فإنّى قد رأيت- وفى دجلة وعلى الشطّ- أمر قد رابنى وأخاف أن أغلب فتؤخذ من يدي أو تذهب نفسك ونفسي، ولكن أقم بمكانك حتّى أرجع فاستعدّ، ثمّ آتيك القابلة، فأخرجك، فإن حوربت دونك حاربت ومعى عدّتى.» قال: فقال له محمد: