للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إرجع إليه فقال له: لا تبرح، فإنّى خارج إليك الساعة لا محالة.» قال: وقلق:

- «إنّه قد تفرّق عنّى الناس ومن على بابى من الموالي والحرس ولا آمن إن أصبحت وانتهى خبري إلى طاهر أن يدخل علىّ فيأخذنى.» ثمّ دعا بفرس له أدهم أغرّ محجّل كان يسمّيه: الزهيرى، ودعا بابنيه فضمّهما إليه وشمّهما وقال:

- «أستودعكما الله.» ودمعت عيناه، فجعل يمسح دموعه بكمّه، ثمّ قام فوثب على الفرس وخرجنا بين يديه إلى باب القصر حتّى ركبنا دوابّنا وبين يديه شمعة واحدة حتّى خرجنا إلى المشرعة، فإذا حرّاقة [١١٨] هرثمة، فنزل فى الحرّاقة [١] .

ورجعنا إلى المدينة فدخلناها وأمرنا بالباب فأغلق وسمعنا الواعية فصعدنا القبّة التي على الباب نتسمّع الصوت.

فذكر أحمد بن سلام صاحب المظالم أنّه قال: كنت مع هرثمة مع قوّاده فى الحرّاقة. فلمّا دخل محمد الحرّاقة قمنا على أرجلنا إعظاما له وجثا هرثمة على ركبتيه وقال:

- «يا سيّدى لا أقدر على القيام لمكان النقرس الذي بى.» ثمّ احتضنه وصيّره فى حجره وجعل يقبّل يديه ورجليه وعينيه ويقول:

- «سيّدى ومولاي وابن سيّدى ومولاي.» وجعل محمد يتصفّح وجوهنا ونظر إلى عبيد الله بن الوضّاح فقال:

- «أيّهم أنت؟» قال: «أنا عبيد الله بن الوضّاح.»


[١] . الحرّاقة: السفينة الحربيّة، فيها مرامي نيران يرمى بها العدوّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>