قال:«نعم جزاك الله خيرا فما أشكرنى لما كان منك فى أمر الثلج ولو قد لقيت أخى- أبقاه الله- لم أدع شكرك عنده.» قال: فبينا نحن كذلك، وقد أمر هرثمة بالحرّاقة أن تدفع، إذ شدّ علينا أصحاب طاهر فى الزواريق وعطعطوا وتعلّقوا بالسكّان وبعض يقطع السكّان وبعض ينقب الحرّاقة وبعض يرمى بالنشّاب فنقبت الحرّاقة سريعا ودخلها [١١٩] الماء وغرقت وسقط هرثمة إلى الماء وسقطنا كلّنا فتعلّق الملّاح بشعر هرثمة فأخرجه وخرج كلّ واحد منّا على حياله لقربنا من الشطّ ورأيت محمدا فى تلك الحال وقد شقّ عنه ثيابه ورمى بنفسه إلى الماء. فأمّا أنا فتعلّق بى رجل من أصحاب طاهر ومضى بى إلى رجل قاعد على كرسىّ على شطّ دجلة وبين يديه نار توقد. فقال له بالفارسية:
- «هذا رجل أخرج من الماء ممّن غرق من أهل الحرّاقة.» فقال لى:
- «ممّن أنت؟» قلت: «من أصحاب هرثمة أنا أحمد بن سلام صاحب المظالم مولى أمير المؤمنين.» قال: «كذبت فاصدقني.» قلت: «قد صدقتك.» قال: «فما فعل المخلوع؟» قلت: «رأيته حين شقّ عنه ثيابه وقذف بنفسه فى الماء.» قال: «قدّموا دابّتى.» فقدّموا دابّته فركب وأمر بى أن أجنب، فجعل فى عنقي حبل وجنبت وأخذ فى درب الزبيدية. ولمّا عدوت ساعة انبهرت فلم أقدر على العدو فقمت. فقال الذي خلفي: