- «ويلك وهل بقي من الفلاح شيء لم أدركه بعد الخلافة؟» فقال له الهفتى:
- «أتحسب أنّك قد أفلحت الآن؟ إنّما لك من الخلافة الإسم، والله ما يجاوز أمرك أذنيك. [٢١١] وإنّما الخليفة الفضل بن مروان الذي يأمر فينفذ أمره من ساعته.» قال المعتصم:
- «وأىّ أمر لى لم ينفذ؟» فقال: «أمرت لى بكذا وكذا منذ شهرين فما أعطيت ممّا أمرت به منذ ذاك حبّة.» وكان هذا أوّل ما حرّك المعتصم فى القبض على الفضل بن مروان.
وكان محمد بن عبد الملك الزيّات يتولّى ما كان أبوه يتولّاه للمأمون من عمل الفساطيط وآلة الجمّازات [١] ويكتب عليها ممّا جرى على يدي محمد بن عبد الملك. وكان يلبس إذا حضر الدار الدرّاعة السوداء والسيف بالحمائل.
فدعاه الفضل يوما وقال له:
- «ما هذا الزىّ إنّما أنت تاجر فما لك والسواد والسيف؟» فترك ذلك محمد. وأخذه الفضل برفع حسابه إلى دليل بن يعقوب النصراني فأحسن دليل إليه ولم يزرأه شيئا. وعرض عليه محمد هدايا فأبى دليل أن يقبل منها شيئا. ثمّ غضب المعتصم على الفضل بن مروان وأهل بيته وأمرهم برفع ما جرى على أيديهم وصيّر محمد بن عبد الملك مكانه.
فلمّا صار محمد بن عبد الملك وزيرا استدعى الفضل يوما وقد دخل دار
[١] . الجمازات: ما فى الأصل مهمل. فى آحمازات. وفى مط: خمارات. فضبطناها حسب تد (٤٨١) .