للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد أن يقف أمسك عن ضربها فيقف الناس من كلّ ناحية فى جبل أو واد.

وكان يسير هذه الستة الأميال التي بين معسكره وهو روذ الروذ وبين البذّ ما بين طلوع الفجر إلى الضحى الأكبر، فإذا أراد أن يصعد إلى الموضع الذي كانت الحرب عليها فى العام الماضي خلّف بخارا خذاه [١] على رأس العقبة مع ألف وستمائة رجل يحفظون الطريق، لا يخرج أحد من الخرّمية، فيأخذ عليهم الطريق.

وكان بابك إذا أحسّ بعساكر الأفشين أنّها قد تحرّكت من الخندق تريده فرّق أصحابه كمنا، ولم يبق معه إلّا نفير يسير، ولم تكن تعرف المواضع التي يكمنون فيها. وكان الأفشين إذا صعد إلى ذلك الموضع أشرف على قصر بابك وجلس على كرسىّ، وفرّق الرجّالة فى طلب الكمناء ووقف الفرسان على ظهور دوابّهم إلى بعد الظهر، والخرّمية بين يدي بابك يشربون الشراب ويزمرون بالسّرنايات ويضربون بالطبول، حتّى [٢٢٤] إذا صلّى الأفشين انحدر إلى خندقه بروذ الروذ.

ونفخ أصحاب بابك فى بوقاتهم وضربوا بصنوجهم استهزاء ولا يبرح بخاراخذاه حتّى يجوزه الناس جميعا، ثمّ ينصرف فى آثارهم حتّى إذا كان فى بعض الأيّام ضجرت الخرّمية من التفتيش وانصرف الأفشين كعادته وانصرفت الكراديس. فلمّا انتهى إلى جعفر الخيّاط نوبة العبور فتح الخرّمية خندقهم وخرج منهم عدّة فحملوا على من بقي من أصحاب جعفر الخيّاط، وارتفعت الضجّة فى العسكر ورجع جعفر مع كردوس من أصحابه بنفسه وحمل على أولئك الفرسان حتّى ردّهم إلى باب البذّ. ثمّ وقعت الضجّة فى العسكر فرجع الأفشين وجعفر من ذلك الجانب يقاتل فى أصحابه وقد جرح


[١] . انظر الطبري (١١: ١٢٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>