من أصحابه عدّة ومن أصحاب بابك عدّة من الفرسان مع فرسان ليس بينهم رجّالة، فرجع الأفشين حتّى طرح الكرسىّ له على النطع فى موضعه الذي كان يجلس فيه وهو يتلظّى [١] على جعفر ويقول:
- «قد أفسد تعبئتي وما أريد.» وكان مع أبى دلف فى كردوسه قوم من المطوّعة من البصرة وغيرها. فلمّا ارتفعت الضجّة ونظروا إلى جعفر يحارب [٢٢٥] انحدر أولئك المطوّعة بغير أمر الأفشين وعبروا إلى الجانب الآخر من الوادي حتّى صاروا إلى حائط البذّ فتعلّقوا به وأثّروا فيه آثارا، وكادوا يصعدونه فيدخلون البذّ.
ووجّه جعفر إلى الأفشين أن:
- «أمدّنى بخمسمائة راجل من الناشبة، فإنّى أدخل البذّ إن شاء الله، فقد عرفت القوم وعلمت مأتاهم.» فبعث إليه الأفشين:
- «قد أفسدت علىّ أمرى كلّه، فتخلّص قليلا وخلّص أصحابك وانصرف.» وارتفعت الضجّة من جهة المطوّعة حتّى تعلّقوا بالبذّ وظنّ الكمناء من أصحاب بابك أنّها الحرب قد اشتبكت، فنعروا ووثبوا من تحت عسكر بخاراخذاه، ووثب آخرون وراء الركوة التي كان الأفشين عليها يقعد، فتحرّكت الخرّمية والناس وقوف على رؤوسهم لم يزل منهم أحد. فقال الأفشين:
- «الحمد لله الذي بيّن لنا مواضع هؤلاء.» ثمّ انصرف جعفر وأصحابه والمطوّعة، فجاء جعفر فقال للأفشين: