للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ إنّ الأفشين تجهّز بعد جمعتين فلمّا كان فى الليل بعث الرجّالة الناشبة وهم مقدار ألف رجل، فدفع إلى كلّ واحد منهم شكوة [١] وكعكا، ودفع إليهم أعلاما سودا وقال:

- «سيروا حتى تصيروا خلف التلّ الذي عليه آذين» - وهو صاحب جيش بابك.

وأرسل مهم الأدلّاء وأمرهم ألّا يعلم بهم أحد حتّى يروا أعلام الأفشين عند صلاة الغداة، فحينئذ فركّبوا الأعلام على الرماح واضربوا بالطبول وانحدروا من فوق الجبل وارموا بالنشّاب والصخر على الخرّمية وإن هم لم يروا الأعلام لم يتحرّكوا حتى يأتيهم خبره.

ففعلوا ذلك ووافوا رأس الجبل عند السحر وجعلوا فى تلك الشكاء الماء من الوادي.

فلمّا كان السحر وجّه الأفشين إلى القوّاد أن:

- «اركبوا فى السلاح.» فركبوا، وأخرج النفّاطين والشمع وضرب بالطبل حتّى وافى الموضع الذي كان يقف عليه وبسط النطع ووضع الكرسىّ لعادته، وكان بخاراخذه يقف على العقبة التي كان يقف عليها فى كلّ يوم فلمّا كان ذلك اليوم صيّر بخاراخذاه فى المقدّمة مع أبى سعيد وجعفر الخيّاط وأحمد بن الخليل، فأنكر الناس هذه التعبئة وأمرهم أن يدنوا [٢٣٢] من التلّ الذي عليه آذين فيحدقوا به، وقد كان ينهاهم عن هذا قبل ذلك اليوم. فمضوا جميعا حتّى صاروا كالحلقة حول التلّ وارتفعت الضجّة وتحرّك الكمين واشتبكت الحرب.

فلمّا سمع الرجّالة الناشبة الذين تقدّموا صوت الطبول ورأوا الأعلام


[١] . الشكوة: وعاء من جلد للماء أو اللبن.

<<  <  ج: ص:  >  >>