- «انظروا إلى هذا يغضب أخاه ويسألنى أن أسترضيه له اذهب، فانّك إذا صلحت رضى عنك.» فقام جعفر كئيبا حزينا لما لقيه به من قبح اللقاء والتقصير به، فخرج من عنده وأتى عمر بن فرج يسأله أن يختم له صكّه لبعض أرزاقه، فلقيه عمر بن فرج بالتجهّم وأخذ الصك ورمى به، فصار جعفر حين خرج من عند عمر إلى أحمد بن أبى دؤاد، فدخل عليه فقام له أحمد بن أبى دواد واستقبله وقبّله والتزمه وقال له:
- «ما جاء بك جعلني الله فداءك؟» قال: «جئت لتسترضى أمير المؤمنين.» قال: «أفعل ونعمة عين.» فكلّم أحمد بن أبى دؤاد الواثق بالله فيه، فوعده ولم يرض عنه.
فأعاد أحمد الكلام [٣٢١] بعد ذلك وسأله بحق المعتصم إلّا رضى عنه، فرضي عنه من ساعته وكساه واعتقد جعفر لأحمد بن أبى دؤاد بذلك يدا ميثاقا فأحظاه عنده لمّا ملك.
وإنّ محمد بن عبد الملك حين خرج جعفر من عنده كتب إلى الواثق يذكر: أنّ جعفرا أتانى فسألنى أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه فى زىّ المخنّثين، له شعر قفا. فكتب إليه الواثق:
- «ابعث إليه فأحضره ومر من يجزّ شعر قفاه، ثمّ مر من يأخذ شعره ويضرب به وجهه، واصرفه إلى منزله.» فحكى عن المتوكّل أنّه قال: لمّا أتانى رسوله لبست سوادا جديدا وأتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضى، فلمّا حصلت بين يديه قال: